أخبار عاجلة

أزمة الدولار بين فشل الحكومة واستغلال السماسرة

الثلاثاء 05 أبريل 2016 02:38:16 مساءً

تعبر أزمة الدولار الحالية عن تخبط القرار الاقتصادى داخل الحكومة المصرية، وعشوائية التعامل مع الأزمة من ناحية أخرى، بدون وجود حل جذرى للمشكلة، والتعامل السطحى لعرض المشكلة وليس السبب الحقيقى وراء حدوث المشكلة ، فقد نقص الاحتياطى الأجنبى خلال الفترة السابقة بسبب عدة أسباب منها، استيراد محطات كهرباء جديدة واحلالها محل المحطات القديمة بما يفسر عدم انقطاع التيار الكهربائى خلال الفترة السابقة ، كذلك استيراد معدات لحفر قناة السويس الجديدة، وسداد الوديعة القطرية، ونقص تحويلات المصريين بالخارج وتداول الدولار خارج الجهاز المصرفى فيما يعرف بالسوق السوداء، والمعروف عن شركات الصرافة  والتى يملك معظمها الإخوان، وبالتالى من مصلحة هذه الشركات ارتفاع سعر الدولار بالمضاربة من ناحية والسيطرة على مصادرة من ناحية أخرى، فى غفلة كاملة من الدولة لتترك مستقبل مصر المالى فى يد مجموعة منحرفة وسماسرة لايهمهم سوى مصلحتهم فقط.

 

فقد صرح أحد السماسرة بأن حجم الدولارات التى تخرج من مصر سنوياً مابين 40 إلى 50 مليار دولار فأين كان الجهاز المصرفى، ورئيسه حينما عرض هذا التصريح على إحدى الفضائيات وعلى مسمع من جميع الجهات الأمنية والمصرفية، فالأمر أكبر من جهاز مصرفى يتصرف منفرداً بمجموعة أدوات عقيمة لا تسمن ولا تغنى من جوع، فالأمر بحاجة إلى تكاتف جميع الجهات أمنياً وسياسياً واجتماعياً ومالياً، بحيث تفرض عقوبات صارمة على شركات الصرافة المخالفة، ووضع جميع تعاملاتها على قاعدة بيانات متصلة بالبنك المركزى ومطابقتها شهرياً، وفرض عقوبات جنائية على السماسرة الذين يتاجرون بأقوات الشعب المصرى، من خلال ملاحقتهم من قبل أجهزة الأمن، وعلى صعيد السياسة التجارية يجب جدولة عملية الإستيراد من خلال وضع موصفات فنية عالية لتقليل سقف الإستيراد، ووقف الإستيراد الترفى، ووضع قيود أمام المستوردين للسلع التى لها منتج محلى.

 

وعلى صعيد السياسة المالية يجب العمل على وضع سياسات تعمل على جذب الإستثمار الأجنبى المباشر وغير المباشر ، وعلى مستوى الدولة يجب طرح أراضى مميزة أو حصص فى شركات حكومية  للمصريين فى الخارج بالدولار ، وعلى مستوى السياحة يجب التوجه وبكل قوة نحو الصين والتى نفتقدها فى السياحة المصرية بشكل كبير ولا تناسب حجم آثارنا ولا حجم السياح الصينين، وعلى كل البعثات الدبلوماسية ان تعمل بشكل جاد لدعم السياحة فى كل بقاع العالم ، وتفعيل دور الهيئة العامة للاستعلامات فى تشكيل وتحسين الصورة المصرية لدى العالم وبكل اللغات ، وعلى مستوى القرار الاقتصادى يجب أن يؤخذ من خلال المجموعة الاقتصادية بشكل متكامل ومشاركة المستوردين والمصدرين وذوى الخبرة حتى يؤتى ثماره بشكل جيد.

 

وفى مجال الاستثمار يجب رسم خريطة الاستثمار فى ضوء أولويات التنمية الاقتصادية واحتياجات مصر الأنية، مثل صناعة الزيوت والتى نستورد منها مايمثل 90% من احتياجاتنا من خلال الترابط بين الصناعة والزراعة لتوفير المادة الخامة اللازمة لهذه الصناعة، فيما يعرف بسياسة إحلال الواردات ، مما يقلل من حجم الإستيراد ويقلل الطلب على الدولار، ويوفر جزء من الاكتفاء الذاتى، وزراعة المليون ونصف فدان بالقمح، ليقل حجم ما نستورده  من القمح من 9 مليون طن سنوياً إلى 4 مليون طن  قمح سنوياً، مع مرونة السياسة النقدية فيما يتعلق بسعر الفائدة على الودائع الدولارية ، وفتح الاعتمادات المستندية بالجنية المصرى وقيام الجهاز المصرفى بتوفير العملة الأجنبية بنفسة لكل المستوردين ،  مع الأخذ فى الاعتبار فكرة التعويم المدار والذى يقصد به تحرير سعر الصرفى فى حدود معينة ولا يترك التعويم الحر ليضغط على الاقتصاد المصرى ، ويزيد من معاناة المواطن البسيط الذى ترتفع تكاليف المعيشة علية بالتالى تقل القوة الشرائية لديه، ولا يرفع التضخم بشكل فج يضر المنتج أو المصنع المصرى الذى يستورد خامات انتاجه من الخارج ، ليرفع أسعار منتجاته فيضر المستهلك المصرى ، ونعود لفكرة المائدة المستديرة بكل جوانبها الافتصادية والسياسة والاجتماعية والأمنية بدلاً من سياسة الجزر المعزولة واتخاذ القرارات الفردية الغير مدروسة، فأزمة الدولار هى أزمة أمن قومى واجتماعى لابد للجميع أن يناقشها ويتعرض لها بشكل متكامل ، فالأزمة مقصودة لزيادة الضجر والاستياء الاجتماعى من فئات الشعب ، وحينما تعالج لابد من معالجتها على مستوى الأمن القومى المصرى بكل جوانبه، وفى ضوء وضع حلول جذرية لاختلال الميزان التجارى، وعجز الموازنة العامة للدولة، بسياسات قصيرة الأجل وأخرى طويلة الأجل تتفاعل معاً للتخفيف الفورى من حدة الأزمة والعلاج المستمر والجذرى للأزمة وليس مجرد مسكنات .