أخبار عاجلة

نساء مصر لم يعدن «خطًّا أحمر»| قصتان فضحتا العنف ضد المرأة.. وما خفي كان أعظم

الثلاثاء 28 يونيو 2016 05:09:00 صباحاً

الشرقية الآن - متابعات

تعددت أشكال التعذيب واختلف الجناة والضحايا يتشابهون، فبالرغم من التوعية بحقوق النساء ومشاركة المرأة في الحياة العملية والاجتماعية إلا أن التنكيل بها بات على كافة الأصعدة، من مختلف البقاع تروي عدد من السيدات وقائع تعذيب وعنف تعرضن لها سواء على يد الأسرة أو الأزواج أو الغرباء في الشوارع والميادين.

 

"الشارع لنا".. غنوة "سحر" المستحيلة

 

الألم النفسي تخطى الكدمات والجروح التي تصيب الأبدان، بصوت جهوري يتخلله الثقة كانت "سحر" دومًا تغني "الشارع لنا"  تسير بخطى وئيدة وسط الجموع الحاشدة في ميدان التحرير، طليقة بين البشر تمتلك العالم بين راحتيها، تشعر بلذة الانتصار وهي تفكر في أحلامها التي بدأت تتراءى أمام أعينها، لكن لم تدم تلك النشوة كثيرًا فتحولت الحرية لخوف ورعب يهد الأوصال بعد أن وقعت فريسة للتحرش الجماعي.

 

مازالت تتذكر المشهد جليًّا أمام أعينها، رعشة تنتاب جسدها الهزيل كلما تذكرت ما حدث لها في ليلة كبيسة في الشوارع الخلفية لميدان التحرير بذكرى أحداث "محمد محمود"، "لقيت نفسي فجأة أنا وكذا بنت حوالينا دايرة لأكتر من عشرين راجل"، أخذت تحارب تلك الأمواج العارمة وتحول المشهد بعد أن تبدل صوت الهتاف بالصراخ، مكثت تحاول الخروج من تلك الرقعة التي استباحت جسدها ولكن باءت جميع المحاولات بالفشل.

 

 

لم تستطع تحمل الموقف ولا تعرف كيف انتهت تلك اللحظات القاسية، فوجدت نفسها مغشية عليها حولها عدد كبير من الأناس وثيابها ممزقة، انتابتها صدمة وظلت تصرخ لدقاق متواصلة، كدمات جسدها وجروحها لم تكن أقسي من الألم النفسي "فضلت سنة أتعالج عند دكتور نفسي ولحد دلوقتي بخاف أمشي في نفس المكان.. بس مابقتش أسكت على حقى"، قالتها سحر بعد أن فقدت غنوتها معناها ولكنها مازالت تعافر حتى تستعيدها.

 

"اكسر للبنت ضلع" مقولة أخذت من حياة "هبة" الكثير

 

الضرب المبرح والإهانة والكدمات لازمت "هبة" لسنوات حتى أصبح الثلج و"المراهم" رفقاء الصغيرة التي اعتادت على ذلك العذاب في أسرة تنتمي لأصول صعيدية، بالرغم من أنها تعيش في أرقى مناطق القاهرة إلا أن الطابع غلاب، بنت وحيدة بين ثلاث صبية يرون استباحة تلك الأنثى التي وجدت في الحياة فقط لخدمتهم، قائلة "محدش كان بيحميني منهم إلا أمي الله يرحمها".

 

 

"الخروج بحساب والكلام حتى النفس برده بحساب" بضيق قالتها الطالبة بكلية "التجارة"، مشيرة إلى رحلة معاناتها التي استمرت لأكثر من عشرين عام، مازال جسدها يحمل علامات من الضرب المبرح التي كانت تتعرض له "من أول علقة خدتها لما قلت عايزة أروح رحلة المدرسة"، مازالت تتذكر تلك الواقعة بينما كانت ابنة السابعة، حكايات كثيرة ومواقف وقصص تتذكرها "هبة" جليًّا.

 

تحسنت علاقتها بأخواتها بعد زواجها ولكنها مازالت تحتفظ بكل المواقف القاسية التي أثرت على نفسيتها وأضعفت من شخصيتها وخلقت منها كائن انطوائي لا يهوي الحديث والمرح، "بس ربنا عوضني بزوجي الحمد الله"، قالتها "هبة" مشيرة إلى أنها تعرف أن الله لا يرضيه ذلك العذاب الذي تقع فيه عدد من الفتيات دون أي مبرر أو ذنب منهم، حياة رغدة تعيشها الآن ولكنها مكثت سنوات طويلة تمحي آثار مقولة "اكسر للبنت ضلع" التي كرهت سماعها.

 

حكايات وقصص تقشعر لها الأبدان ولا تخطر على البال، ملف شائك يحمل الكثير من الصرخات المكممة، جاءت مصر على قائمة الدول الأكثر عنفًا ضد النساء ولم يكن ذلك التصنيف من صنع الخيال ولكن دائمًا ما خفى كان أعظم.