أخبار عاجلة

لماذا اعتبر الرسول أن حب العرب من تمام الإسلام؟

الجمعة 17 يونيو 2016 12:33:00 صباحاً

الشرقية الآن

قد يبدو العنوان مجحفًا قليلاً، اعتقادًا أن الإسلام إن فضّل بنصوص صريحة جنس العرب، فإن ذلك يعنى عنصرية منه ضد باقى الأجناس، وهذا بالطبع ضد مراد الله وتشريعه الذى اختار أن تكون رسالته المُتمة عالمية تأمر الناس بالعدل والمعروف فيدخلونها أفواجًا.

 

الثابت تاريخيا أن العرب كانوا وعاءً احتوى الإسلام بمبادئه وتعاليمه فصبغ منها قدر ما صبغ، وحمل رجالاته الأمانة على أعناقهم وجابوا الأرض شرقًا وغربًا حتى حكموا العالم بأسره فى غضون مئتى عام، لذا لا نستغرب كثيرًا أن نصادف نصوصًا كثيرة تخبرنا صراحة بـ«فضل العرب» على غيرهم، كأمة، خلال بنيان الدولة الإسلامية، وإن لم تعتبر صكا لأفضلية مطلقة وظلت مرتبطة بالتقوى والتمسك بأخلاقيات ومبادئ الدين الحنيف.

 

فى كتابه «الأمالى المطلقة» ينقل لنا أبو حجر العسقلانى عن عبد الله بن عمر، أن الرسول قال «إن الله خلق السماوات سبعا ثم خلق الخلق فاختار من الخلق بنى آدم ثم اختار من بنى آدم العرب ثم اختار من العرب مضر ثم اختار من مضر قريشا ثم اختار من قريش بنى هاشم ثم اختارنى من بنى هاشم فأنا خيار من خيار» وفى حديث آخر يقول «أحبوا العرب لثلاث، لأنى عربى والقرآن عربى ولسان أهل الجنة فى الجنة عربى»، رواه الطبرانى والحاكم والبيهقى وآخرون عن ابن عباس، كما أن لسيدنا عمر مقولة شهيرة اعتبر فيها أن العرب هم «مادة الإسلام».

 

بعد كل هذا لا نستغرب أبدًا عندما نعلم أن كثيرا من أحكام الإسلام الأساسية، بما فيها بعض طقوس أركان الإيمان كالحج مثلاً، مستقاة من التقاليد العربية التى سبقت البعثة، لم يغيرها الإسلام وأقرها، بتعديلات بسيطة أو دون تعديل على الإطلاق فى أحيان أخرى، ولنا فى ذلك أمثلة كثيرة نضربها للناس لعلهم يعقلون.

 

تعظيم الكعبة: عرفت الجزيرة قبل الإسلام إحدى وعشرين كعبة فى مختلف نواحيها اتخذت جميعها مقرات للعبادة، إلا أن كعبة مكة كانت الأكثر تقديسًا بسبب ارتباط بنائها بسيدنا إسماعيل، فحجت إليها جميع القبائل، وتحدثنا المرويات أن المرء كان يرى قاتل أبيه فلا يمسه بسوء، وأن بعض أفراد القبائل كانوا يفضلون الطواف بالبيت عراة خوفًا على قدسية المكان من دنس ثيابهم.

 

الحج: كانوا يحجون فى شهر ذى الحجة من كل عام، وكانوا يقومون بمعظم الشعائر التى يؤديها المسلمون اليوم، مثل التلبية والإفاضة والإحرام والسعى والوقوف بعرفة ورمى الجمار وتقبيل الحجر الأسود.

 

واكتفى الإسلام بتهذيب هذه المناسك من الأفعال والأقاويل الشركية، بتوجيه الأدعية لله وحده، والنهى عن إتيان الأصنام والتعرى لحظات الطواف.

 

تعظيم شهر رمضان: تحدثنا المرويات أن المتحنفين، وعلى رأسهم عبد المطلب، جد النبى، وزيد بن عمرو، عم الفاروق، كانوا يشدون المئزر ويتحنثون (يتعبدون) بالغار هذا الشهر، ويطعمون المساكين طوال الثلاثين يومًا.

 

تعظيم إبراهيم وإسماعيل: كانوا يبجلون ذكرى النبيين، وجزء من تقديسهما للكعبة إنما يرجع لاعتقادهم أنهما بانياها.

 

يوم الجمعة: كان يُقال عنه إنه يوم العروبة، وأول من سماه «الجمعة» هو كعب بن لؤى، وهو تقليد أخذ به الإسلام فى المدينة بعد الهجرة، وكانت أول خطبة من الرسول للمسلمين هناك، فى أحد الأودية التابعة لبنى سالم بن عوف.

 

قطع يد السارق: أول من أمر به هو عبد المطلب جد النبى.

 

العشور: هى الأموال التى تؤخذ على حركة التجارة المارة بثغور الإسلام سواء أكانت مملوكة لمسلمين أو غيرهم، تشبه الجمارك الآن، وسماه العرب قبل الإسلام «التعشير» أو «الجُعال».

الدية: هى مبلغ من المال تتحمله قبيلة قتل فرد منها أحدهم خطأ، ويمثلهم عادةً شيخهم الذى ينوب عن الصغار فى كل أفاعيلهم.

 

الغنائم: كان لرئيس القبيلة أن يأخذ ربع الغنيمة التى أخذها رجاله فى أى غزوة يقومون بها، وجاء الإسلام فأقرها للرسول مع تخفيضها إلى الخمس.

 

الأشهر الحُرم: كان معظم العرب يحرمون القتال فى أربعة أشهر، هى: ذو الحجة، وذو القعدة، ومحرم، ورجب، لأنها الأوقات التى تشهد الحج والعمرة، وهو اجتهاد حياتى وافقهم فيه الإسلام بنص صريح من القرآن «يا أيها الذى آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام».

 

الاتفاق مع الأحناف: هى حركة دينية ظهرت قبل الإسلام وشملت أشخاصًا من مشاهير «الجاهلية» مثل عبد المطلب، جد الرسول، وورقة بن نوفل، ابن عم السيدة خديجة، وزيد بن عمرو بن نفيل، عم عمر بن الخطاب، وافقهم الإسلام على كثيرٍ مما دعوه مثل النفور من عبادة الأصنام، وتحريم ذبح الأضاحى لها، والنهى عن وأد البنات وتحريم الربا وشرب الخمر.