أخبار عاجلة

في المترو والطرقات.. السلع المغشوشة «على عينك يا تاجر»

الجمعة 17 يونيو 2016 12:11:00 صباحاً

الشرقية الآن

«فاصوليا بيضا»!! قالتها وعلامات الذهول تبدو على وجهها، عندما فتحت نادين العمروسى، طالبة بكلية الطب البيطرى، علبة دواء لتجد أن الأقراص تم استبدال حبات الفاصوليا بها، لتصيبها حالة من الضحك ممزوجة بالاندهاش، فلا شىء أصبح يخلو من الغش التجارى حتى الدواء الذى ارتفعت أسعاره كغيره من السلع الاستهلاكية، فأرصفة الشوارع وعربات مترو الأنفاق لا تخلو من البضائع رخيصة الثمن والمقلدة، وحتى المتاجر الكبيرة أصبحت «الماركات» العالمية مقلدة بها ويتهافت عليها العامة لشرائها حتى وإن كانت تصيبهم بالضرر، وذلك أمام أعين الجهات الرقابية التى تزيد على 20 جهة فى مصر مسئولة عن مراقبة الأغذية والأسواق.

 

فى جولة بمحافظتى القاهرة والجيزة، لكشف أهم مراكز بيع تلك السلع المغشوشة، وطريقة معرفتها، وطريقة الإبلاغ عنها.

 

مترو الأنفاق أصبح عبارة عن سوق عشوائية، سائرًا على القضبان، حتى إن محطات المترو يحاصرها باعة الفاكهة والخضراوات، على مرأى ومسمع من الجميع، يبيعون بضاعة رخيصة الثمن، من أدوات منزلية وملابس وحتى أدوات الزينة والتجميل فى العربات المخصصة للنساء، ويدعون أنها ماركات أصلية مخفضة الثمن، لتتهافت عليهم الجموع للشراء، الشيكولاتة والبسكويت وغيرهما من الحلوى تباع أيضًا، إذا أمسكت بواحدة منها ستجد أن تاريخ الانتهاء قد تغير وتم الشطب على القديم، أو أن المنتج طعمه سيئ للغاية، وهذا ما حدث مع «محررة اليوم الجديد» عند شرائها قطعة من الشيكولاتة التى تبينت أنها منتهية الصلاحية، ومع ذلك اشتراها ما يقارب ثلاثة أشخاص فى العربة لرخص ثمنها فهى بجنيه واحد.

تقول مدام إيمان، إن معظم بضائع المترو مغشوشة، فأحجار البطارية سبق وأن اشترتها واكتشفت أنها فارغة، وكذلك «بلاستر» الجروح، لا يلصق بشكل جيد، ومع ذلك لا تزال تقوم بشراء بعض المنتجات التى لا ضرر منها مثل الأدوات المنزلية.

 

لا يعد المترو هو المكان الوحيد الذى يباع فيه مثل تلك السلع، فالأسواق العشوائية التى يزيد عددها على 2000 سوق فى مصر -بحسب تقرير صادر عن وزارة التنمية المحلية- يبتاعون مثل تلك المنتجات «المضروبة» وسوق الموسكى خير دليل على ذلك، فهى تعد كبرى الأسواق وأكثرها ازدحامًا وتتميز بتنوع السلع، بداية من عربات الفول والكبدة المنتشرة فى الأرجاء والتى يتهافت عليها معظم الباعة والزبائن للقضاء على شعورهم بالجوع، ويتهافت عليها الذباب أيضًا محاولًا مناصفتهم فى تلك الوجبات، ولا يكترث أحد لما تسببه من أمراض، وكذلك جودة الطعام على العربة التى لا تخضع للإشراف أو التفتيش من قبل أى من أجهزة الدولة الرقابية، ويصاب العديد من المواطنين بالتسمم، فقد أصدر مركز السموم فى مصر عام 2014 إحصاء أكد من خلاله رئيس المركز وجود 250 ألف حالة تسمم سنويا فى مصر.

 

هذا المشهد يتكرر فى الكثير من الأحياء الشعبية والأسواق، وليس مع سوق الأغذية فقط، فمنتجات العيون، والتى تعد أشد خطرًا ومن الممكن أن تتسبب فى العمى، هى الأخرى مغشوشة، فالنظارات الشمسية المقلدة والتى تباع على الأرصفة، حذر أطباء العيون منها مرارًا مؤكدين أنها تصيب بالتهابات شديدة قد تؤدى إلى العمى.

 

ففى جولة «اليوم الجديد» فى حى الدقى قابلنا عم رجب، بائع نظارات على أحد أرصفة منطقة الدقى، الذى أكد لنا أنه يتاجر فى 8 أنواع من النظارات الشمسية نسخ عالية الجودة «high copy» تبدأ أسعارها من 15 جنيها وحتى 85 جنيها،  وعند سؤاله عن مدى أضرار تلك النظارات قال إنها لا تفرق أى شىء عن مثيلاتها ممن يبتاعونها فى المحلات ولكنهم يغالون فى الأسعار، لأن المحل عليه ضرائب والتزامات تجعله يغالى مدعيًا أنها أصلية، على حد قوله.

 

الأمر الذى نفاه تمامًا د.حازم حلمى، عضو كلية الجراحين الملكية بإنجلترا واستشارى جراحة العيون، حين أكد أن نظارات النظر التى يتم شراء «الشامبر» لها من على الأرصفة، تسبب حساسية الجلد لرداءة صنعها وتخضع لاختبارات فى وزارة الصحة، أما نظارات الشمس التى تباع على الأرصفة فمضروبة، وبدلًا من كونها تحمى من أشعة الشمس، فهى تؤدى إلى تجميع أشعة الشمس بسبب المواد البلاستيكية الرديئة التى صنعت منها ومن ثم قد تؤدى إلى حساسية العين والتهابات حادة قد تصل إلى الإصابة بالعمى إذا تم استخدام تلك النظارات فى أشعة الشمس الشديدة بصفة مستمرة.

 

وأضاف أن الشعب المصرى ماديا لديه أولويات غير التدقيق فى نوعية نظارة سيرتديها سواء من الرصيف أو ماركة حيث إن المواطن المصرى، على حد وصفه، لا يقدر على شراء نظارة «ريبان» على سبيل المثال تساوى 700 جنيه على الأقل، فى حين أن مرتبه 600 جنيه، كما أن الإقبال على نظارات الأرصفة خاصة كنوع من «المنظرة» هو ما يؤدى إلى ارتفاع أسعارها.

 

النظارة المغشوشة يمكن أن تعرفها عندما تجد ورقة ملصقة عليها وقد كتب عليها «ممنوع ارتداؤها فى أشعة الشمس المباشرة» على الرغم من أنها نظارة شمسية، وذلك حتى تخلو الشركات المصنعة مسئوليتها، وفى الوقت ذاته لا يلحظ أحد ما كتب عليها، ونفس الأمر ينطبق على العدسات اللاصقة التى تباع بـ15 جنيها لعدسات الزينة الملونة فى حين الأصلية تصل إلى أكثر من 100 جنيه للزوج الواحد.

 

«الماركات» العالمية لم تسلم من التقليد

 

قامت عواطف أحمد عبد الرحمن، مدير إدارة العلامات التجارية، فى دراسة لها أكدت أنه يوجد فى مصر 300 ألف طلب تسجيل علامة تجارية تقريبا، تبين أن المنتجات الأكثر تقليدًا فى العالم هى الأدوية ثم قطع غيار السيارات ثم الأحذية والملابس (تندرج تحت هذه الفئة النظارات) وتليها الأجهزه الإلكترونية من التليفون المحمول وقطع غياره وإكسسواراته وأجهزة الكمبيوتر والآى باد ثم السجائر، وتبين الإحصائية أن أهم الماركات المقلدة هى: أديداس - نايك -مارلبورو - نوكيا - سامسونج – بوسش.

 

ومما ينص عليه قانون العلامات التجارية أن مثنى العلامة أو جمعها لا يعد تميزًا أو ابتكارًا ولا يكسب العلامة ذاتية خاصة، بل يندرج فى إطار المحاكاة والتقليد الذى يحول دون تسجيل العلامة (قضاء إدارى).

 

فى حين واجه جهاز حماية المستهلك تلك المنتجات المغشوشة بعمل خط ساخن لتلقى شكاوى المواطنين، وهذا ما أكده اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، بأن الخط الساخن وهو 19588 بدأ بشكل تجريبى منذ منتصف مارس الماضى لتلقى شكاوى المواطنين حول أى ضرر أو غش تجارى ليتخذ الجهاز الإجراءات الكافية معه.

 

وقد أكد تقرير صادر عن وزارة التنمية المحلية لعام 2015، أن حجم التعاملات فى الاقتصاد غير الرسمى يهدر 50% من الضرائب، وأن حجم الاقتصاد غير الرسمى يبلغ ما بين 1.2 إلى 1.5 تريليون جنيه.