أخبار عاجلة

حكاية مكان| الغورية.. الشارع الذى لا يعرف الهدوء

الاثنين 13 يونيو 2016 12:16:00 صباحاً

الشرقية الآن

ليست القافية فقط من جعلت الشاعر محمد على أحمد يربط بين الغورية والهدية فى أغنيته الشهيرة "يا رايحين الغورية.. هاتوا لحبيبى هدية"، والتى غناها المطرب الراحل الكبير محمد قنديل من ألحان كمال الطويل.

 

فكانت الغورية هى المكان الذى يشترى منه الغلابة والميسورين على السواء هداياهم، فهو مكان مشهور ببيع ملابس البيت من جلابيب وبيجامات، وهو أيضا مشهور ببيع كل منتجات الأقمشة من ستائر وملايات وغيرها.

 

هو شارع لا يعرف الهدوء نهارا.. عبارات الترحيب بالمارة يلقيها عليك عادة أصحاب المحلات هناك، لكنها لا تثنيك عن مشاهدة كرنفال من الألوان والأشكال للأزياء والعبايات والمفارش المتنوعة.

 

بداية الحى تقاطع مع شارع الازهر حيث مجموعة الغورى الأثرية، ونهايته باب زويله العظيم ومسجد السلطان المؤيد شيخ المحمودى، والذى يعتبر من أعظم ما ترك المماليك من آثار وزخارف إسلامية.

 

يقع هذا الحى فى منطقة القاهرة الفاطمية ويحده شارع الجمالية الذى يحتضن فى طرفه الجامع الأزهر ويفصله عن ضريح سيدنا الحسين والسوق ومنطقة خان الخليلى، وكان يسمى قديما حى (الشرابشيين) ثم (العقادين) وكانت به دكاكين لصناعة وخياطة الملابس السلطانية.

 

أنشأه السلطان أبو النصر قنصوة الغورى الشركسى آخر سلاطين دولة المماليك (1250-1517م)، وهو الذى قتل فى موقعة مرج دابق التى كان يحارب فيها سلطان العثمانيين سليم الأول، حيث كان الغورى يحب الطرب ويقرض الشعر ويسمعه بالإضافة إلى ما شغوف به من التواريخ والسير والقراءة، وكان مولعا بجمع التحف الثمينة واضطره ولعه إلى جلب التحف التى كانت مودعة فى خزائن الحجاز من موروث الإسلام الأول، ومنها مقتنيات الرسول الكريم والصحابة، التى صادرها بعدئذ الأتراك العثمانيون، والتى تقبع اليوم فى متحف طوب كابى فى اسطنبول أو حتى نسخة المصحف الملطخة بدماء الخليفة عثمان بن عفان والتى كان يقرأها عندما اغتيل، والتى تقبع اليوم فى إحدى متاحف آسيا الوسطى.

 

ويذكر عنه أنه كان يلبس أفخر الثياب ويشد فوقها فى وسطه حزاما من الذهب، ويتحلى بالخواتم الثمينة ويشرب فى أوانى من الذهب الخالص، وكان مولعا بالعطور والطيب، واهتم كثيرا بغرس الأشجار والعناية بالرياحين فى حدائق قصوره.

 

كما كان محبا للألعاب الشعبية مثل مناطحة الأكباش والثيران، وكذلك الفروسية ولعب الرماحة وفن النشاب والكرة والصولجان.

 

كان الغورى مغرما بالعمارة وترك خلفه ثروة فنية فى مصر وحلب والأقطار الحجازية، وكانت أغلبها خيرية. واهتم كذلك بتحصين مصر فأنشأ قلعة العقبة وأصلح قلعة الجبل وأبراج الإسكندرية، وجدد خان الخليلى فأنشأه من جديد وأصلح قبة الإمام الشافعى ومسجد الإمام الليث وأنشأ منارة للجامع الأزهر.

 

وقد شيد قنصوة الغورى مجموعته المعمارية الهامة فى تاريخ العمارة والتى تتكون من وكالة الغورى، ومسجد الغورى، وقبة وسبيل وكتاب ومدرسة الغورى وتقع فى نهاية شارع الغورية عند تقاطعه مع شارع الأزهر وتأخذ شكل كتلة معمارية مميزة حيث تأخذ امتداد واحدا تظهر خطوطه فى كل أجزاء هذه الكتلة المعمارية.

 

أما عن المدرسة والكتاب والسبيل، فقد شيد بطرق التخطيط السائد فى القرن 15 والتى تتميز بأربعة إيوانات مغلقة يتوسطها قاعة مغطاه، أما المئذنة فلها طابع متميز تنفرد به لأنها على شكل مبخرة يعلوها خمس كرات بدلا من كرة واحدة. أما الخانقاه التى توجد فى مواجهة المسجد فتحتوى على الضريح الذى كان معد للسلطان الغورى ولم يدفن فيه أحد.

 

وفى الركن الشرقى من المبنى يوجد السبيل وهو ذو طراز محلى يضم ثلاثة شبابيك للتسبيل تطل جميعها على كل من شارع الأزهر وشارع المعز لدين الله، ويعتبر من أبرز ما تتميز به مجموعة الغورى.

 

أما الوكالة، فهى تعتبر نموذجا كاملا لما كانت عليه الوكالات فى ذلك العصر، وقد بقى منها جزءًا كبيرًا ساعد على إصلاح ما تهدم وإرجاعها لحالتها الأصلية، وهى تحتوى على صحن مكشوف مستطيل الشكل به بائكة تحيط بثلاث جدران من الصحن، يفتح عليها بالدور الأرضى مجموعة من الحواصل مساحتها مستطيلة لها سقف قبو وله باب واحد يعلوه فتحة شباك للتهوية والإضاءة كانت تستخدم للتخزين، وتشتمل الوكالة على 26 حاصل و 9 آخرون بالملحق.

 

وبعد ترميم وزيارة الثقافة للوكالة منذ نحو 10 سنوات تقريبا استغلتها فى العروض الموسيقية، حتى صارت تعرف الوكالة ببيت التنورة الرئيسى.

 

فى حين يقع المسجد عند تلاقى شارع المعز لدين الله بشارع الأزهر، وهو ملاصق لمدخل السبيل والمدرسة، ويقع خلفها خانقاه ومقعد وإلى جوارها ثلاثة منازل تجتمع كلها فى وجهة واحدة متصلة تشرف على شارع الأزهر.