أخبار عاجلة

كتاب "معارك فى سبيل الإله" يؤكد: مصطلح "الأصولية" مضلل

السبت 07 مايو 2016 08:49:00 مساءً

عبدالرحمن جمال

من أكثر الأشياء التى يعانى منها العالم فى السنوات الأخيرة وأشدها إثارة للفزع ظهور ما يسمى بالكفاح الدينى والصراع الدموى المعتمد على تفسيرات نصوص مقدسة، هذه الحركات أطلقوا عليها "الأصولية"، وقد توقف عندها كتاب (معارك فى سبيل الإله - الأصولية فى اليهودية والمسيحية والإسلام)، للكاتب كارين أرمسترونج، ترجمة فاطمة نصر ومحمد عنانى، والصادر عن دار سطور.

 

والكتاب يتوقف بداية عند مصطلح "الأصولية" ويرى أن البروتستانت الأمريكيين هم أول من استعمله، إذ بدأ بعضهم فى العقود الأولى من القرن العشرين يطلقون اسم "الأصوليين" على أنفسهم تمييزا لهم من البروتستانت "المتحررين" والذين كانوا فى رأيهم يشوهون العقيدة المسيحية تشويها كاملا، وكان الأصوليون يريدون العودة إلى الأسس وإعادة تأكيد "أصول" التقاليد المسيحية والتى حددوها بالتفسير الحرفى للكتب المقدسة وقبول مبادئ أساسية معينة فى العقيدة.

 

ويتابع كارين أرمسترونج أن مصطلح الأصولية أصبح يطلق بعد ذلك على الحركات الاصطلاحية فى أديان العالم الأخرى بأسلوب أبعد ما يكون عن الدقة فهو يوحى، فيما يبدو، بأن الأصوليات تتسم بالوحدة والجمود فى جميع مظاهرها، وليس ذلك صحيحا، فكل نزعة أصولية لها قانونها الخاص بها ومبادئ ديناميتها الخاصة بها، كما أن المصطلح يوحى بأن الأصوليين محافظون ومرتبطون بالماضى فى جوهر فكرهم، والواقع أن أفكارهم ذات طابع حديث فى أساسها، ونزاعة إلى التجديد والابتكار، وإذا كان الأصوليون الأمريكيون قد قصدوا العودة إلى "الأصول" فلقد نهجوا فى ذلك نهجا حديثا ومتميزا فى حداثته.

 

ولقد ساق البعض الحجة على أن ذلك المصطلح المسيحى لا يمكن تطبيقه بدقة على الحركات التى وضعت لنفسها أولويات تختلف اختلافا كاملا عما يدل عليه فى المسيحية، فالأصوليون من المسلمين واليهود مثلا لا تشغلهم كثيرا مسألة مبادئ العقيدة وهى ما يشغل المسيحيين أساسا، والترجمة الحرفية للكلمة الإنجليزية fundamentalism إلى العربية أدت إلى ظهور كلمة الأصولية التى تعنى دراسة الأصول أى مصادر شتى القواعد والمبادئ فى الشريعة الإسلامية، ومعظم المسلمين الذين يطلق عليهم هذا المصطلح فى الغرب لا يقومون بدراسة هذا العلم من العلوم الإنسانية، ولكن لهم اهتماماتهم البالغة الاختلاف، ومن ثم فإن استخدام مصطلح "الأصولية" مضلل.

 

ويؤكد الكتاب أنه فى التاريخ الإسلام تم تحويل النبى محمد صلى الله عليه وسلم من شخص عاش فى زمن حقيقى، إلى فكرة مجردة، أى أن التطبيق أدى إلى إخراجه من الزمن الذى عاش فيه وإحيائه فى شخص كل مسلم مخلص، وعلى غرار ذلك، كان الاقتداء إلى حد التمثل أو تكرار المثال شعيرة جعلت مجتمع المسلمين ذا طابع إسلامى حقيقى، فهو يحاول الاقتراب من شخص النبى محمد الذى كان بإسلامه لله الذى بلغ حد الكمال المثال الأول لما ينبغى ان يكون الإنسان عليه.

 

ومع ذلك يرى الكتاب أن المسلمين قديما فى زمن الازدهار كانوا يتعاملون بجمود، بل لقد شهد تاريخ الإسلام فى كل مرحلة حركات إصلاح وتجديد، وكانت فى حالات كثيرة ثورية بوضوح وجلاء.