أخبار عاجلة

وتمر السنوات وتبقى الذكريات

الأربعاء 14 أكتوبر 2015 10:32:18 مساءً

كعادتى التى تعودت عليها منذ دخولى للكليه الحربيه والتى قد تؤرقنى فى بعض الآحيان وتُسعدنى فى بعضها وهى الإستيقاظ مبكراً فهى تجلب لى المشاكل مع ابنائى فى كثير من الآوقات وتبدأ بالكلمات السخيفه مثل إطفى النور ياعم الحاج ومثل هو فى حد بيصحى دلوقتى والآهم بقى الطلبات إبقى هات فطار معاك وانت راجع وشوف الواد غسل العربيه ولا مغسلهاش ولكن لعادتى ولمقاومة مرض القلب اللعين عشقت الخروج مبكراً والسير لمسافات طويله وبمجرد نزولى وخروجى من بوابة العماره لمحت على مقربه احد قادتى السابقين والذى تخرجت وعملت تحت قيادتهم ولآنى اعرف ان الحديث سيدور عن حرب اكتوبر وهذا الكلام الممل الذى نستمع إليه من سنوات قاربت على النصف قرن منهم بداياتى وانا خريج جديد وكان يستفرد بى انا والضباط دفعتى فى الملجأ الذى نعيش فيه على لمبة الجاز ويحكى لنا عن بطولاته وغزواته وكيف كان يقتحم دشم العدو وهو لم يتعدى سنه ال 22 عاماً وكانت الحكايه تبدأ من اول لحظه عرف فيها انه سيخوض الحرب وكيف إمتزج شعور الخوف والفخر معاً وللآمانه كانت صراحته ممتعه ولكنى لم اكن اتقبلها اثناء الخدمه فى الجيش لآن فى الصباح عندى عمل طويل من صرف التعيينات للجنود لمراجعة خطط العمليات للمرور على الخدمات وللتجهيز للرماية الليلية يالها من أيام ولكنى لااستطيع ان ارفض الإستماع إلى حكاياته فأنا التلميذ وهو الآستاذ ولكن عندما قابلته بعد هذه السنوات وحاولت ( الزوغان ) حتى استطيع السير قبل ان تشتد حرارة الجو ولكنى وجدته كالصقر يُنادى بصوته الحاد رايح فين ياحضرة الضابط على الصبح فإبتسمت ورضخت لمصيرى الحتمى وبادرت بقولى صباح الفل ياسيادة اللواء فرد بنره حزينه انت لسه فاكر خلاص بقى اتناسينا وبقينا معاشات وداهمنى على الفور انت فاكر ياواد لما جيت لنا الكتيبه وكنت كتكوت كده ومستحمى وفاكر إن الظابط مجرد بدله ونجمه على كتفه وبسرعة البرق تحول الحديث ده انا لما اتخرجت فى سنك خرجت على الحرب على طول وبدأ يسرد ماسمعته من 40 عاماً ولكن اقول لكم الحقيقه بعد ثوانى من الحديث شعرت اننى اسمعه لآول مره كان حديثه شيقاً ممتعاً رائعاً واجمل مافيه انه حقيقي لم يدعى الوطنيه بل كان فى الميدان كان من الممكن ان يُستشهد فى اى لحظه ولكنه كان يدرك من اول يوم لدخوله هذا الصرح العظيم أن هذه هى حياته فهو خُلق ليحمى بلده ولكن ماجزبنى فى حديثه رغم سماعى لهذه الحكايه مئات المرات هو حديثه عن الآسرى الذى اسرهم هو وزملائه وكيف إتصل بقائده الآعلى ليُبلغه بأنه قام بأسر 4 افراد إستطلاع للعدو وأنه ربطهم من ايديهم وارجلهم وسيأتى بهم زاحفين وكان الدرس الذى لاينساه من قائده الضابط المصرى المحترم الخلوق الذى تعلم من دينه وعمله كل القيم فك قيودهم وعاملهم بكل رجوله مع إحتفاظك بمسئولية تأمينهم وعدم هروبهم وقدم لهم الطعام والشراب وسأرسل لك سياره لنسلمهم للقياده العليا هذه هى التعليمات ومع شدة الحرب كانت الكلمتان الآخيرتان لقائده نحن لاننتقم من اسير اصبح تحت سيطرتنا وكان يحكى لى عن قائد الكتيبه الذى يخرج فى عز الحرب باوفرول مكوى وحذاء يلمع وذقن محلوقه فى وقت كان الطيران يضرب والمدفعيه تقصف والبندقيه الآليه نُسميها سلاح خفيف ولكنه لم ينسي هيبة القائد وتميزه وقدوته للآخرين لايأكل إلا بعد جنوده ولايسير خلفهم بل امامهم قوى فى قرارته صارم فى اداؤه واضح فى كلماته كانت كل قرارته تبدأبكلمتين ( مُستعيناً بالله وبعزيمة الرجال ) هذه هى الدروس التى نتعلمها بعد كل هذه السنوات هؤلاء هم القاده الذين علمونا كيف نكون اقوياء ولكن رحماء كيف نكون عظماء ولكن متواضعين ولم انسى وهو يُعلمنى درساً احكيه فى كل مكان عندما قابلته فى مرور القوات المسلحه وهو يقف فى الطابور ينتظر دوره رغم ماله من مميزات السن والرتبه والحاله الصحيه وعندما عرضنا عليه التقدم فى المكان رفض واقسم لكم نزل عقيد من الشرطه العسكريه ليطلب منه ان تنتهى إجراءاته وهو جالس فى مكانه ورفض بشده وقال له بالنظام حاربنا وانتصرنا وبالنظام ننهى إجراءاتنا هكذا تعلمنا منهم فى السلم وتعلمنا منهم فى الحرب هؤلاء هم القاده هذه الدروس هى ليست كلمات ولكنها الدرس الذى يؤكد أن للنصر مقومات وأن الإنتصار ليس فقط بالذخيره والسلاح بل بالعقيده والكفاح بمنتهى الآمانه كنت فى منتهى السعاده وانا استمع لحديث الذكريات ولم اغادر إلا عندما قابل شخص أخر وقال له انا كنت بأحكى لمجدى اخويا عن اكتوبر وبدأ القصه من البدايه وساعتها قلت ( لآ ) حرام بقى لكن للآمانه وللتاريخ من حقهم أن يحكوا ويحكوا ويحكوا وليس المهم أن نستمع فقط ولكن الآهم ان نتعلم منهم ماعلمه لهم الكبار فهكذا إنتصرنا والمؤكد أن هكذا ايضاً سننتصر.