أخبار عاجلة

حيوانات مفترسة وعملات وثعابين.. بالأسعار خريطة أسواق «المسروق»

الأحد 08 مارس 2020 06:42:00 مساءً

«خُش وقَرَّب.. خُد فكرة واشترى بُكرة.. كل شىء موجود من الإبرة للصاروخ»، هذا هو أول ما يصل إلى أُذنك إذا فكَّرت فى النزول إلى أسواق المسروق، أو كما يسميها اللصوص «المبلول»، فالسعر فى متناول اليد، والكل يذهب إليها، فقراء وأغنياء، والكل يجد ضالته.. عملات قديمة، وحيوانات أليفة، وهواتف محمولة، وأجهزة كهربائية، وقطع غيار سيارات، وملابس، وأثاث، «ارمى بياضك» واحصل على ما تريد بالسعر الذى تريده، فالجميع يعلم أن كله مسروق.

 

سوق الجمعة «التونسى»

 

وتأتى على رأس هذه الأسواق سوق التونسى بالسيدة عائشة، والبعض يطلق عليها «سوق الجمعة»، وهى أشهر الأسواق فى القاهرة، وتبعد قرابة نصف كيلومتر على الأكثر من ميدان السيدة عائشة، ويعلوها طريق الأوتوستراد، ومساحتها شاسعة، والسبب فى ذلك أنها عبارة عن عدّة أسواق متداخلة، فلكل شىء مكان، إذ تبدأ السوق بالملابس، والبطاطين، وتستطيع أن تشترى الملابس المستوردة من هناك بـ50 جنيهًا على الأكثر، وبعد قرابة 100 متر تقطعها بين أنواع الملابس، يبدأ جزء آخر من السوق وهو الخاص بالحيوانات الأليفة والزواحف، كلاب من كل الأنواع، حراسة وصيد، حتى كلاب الزينة، وتستطيع أن تحصل على كلب سعره يتجاوز الـ50 ألف جنيه بـ2000 جنيه فقط، بل وهناك قطط تحصل عليها بـ200 جنيه، فى حين أنها تُباع فى المحلات بـ5000 جنيه، أما لو كنت تبحث عن سلاحف أو ثعابين، فهى على بُعد أمتار بسيطة، تستطيع أن تلقى نظرة، كما أن الببغاوات والعصافير والصقور موجودة، والسعر أرخص بأكثر من نصف الموجود فى الخارج.. تحرَّك بضع خطوات لا أكثر لتجد نفسك فى ما يشبه شارع عبد العزيز، فكل أنواع الهواتف موجودة، ما رأيته وما لم تتخيَّل أن تراه فى هذه السوق، أشهر الماركات وأغلاها، وكلها تعمل وبحالة جيدة، فالتاجر لن يغشّك فى السعر، ويصل سعر غسالة الأطفال إلى 100 جنيه أو 200 جنيه، حسب الحالة، بينما يُباع البوتاجاز الحديث بـ900 جنيه، أما الثلاجة فيصل ثمنها إلى 500 جنيه، والشفاط يتراوح سعره من 30 إلى 45 جنيهًا.

 

أما الهواتف فهى الأكثر رواجًا، حيث يُباع «جلاكسى إس 3» بسعر يتراوح من 1000 إلى 1300 جنيه، وانت وشطارتك، ولكن احذر، فهناك مَن ينتظر أن تشترى الهاتف ليلحق بك ويخبرك أن هذا هاتفه، وقد يهدّدك بسلاح أبيض ويستولى عليه، وهى حيلة يلجأ إليها تجار «المبلول»، لكى يفوزوا بالمال وما قاموا ببيعه للزبون الطماع، وهناك أيضًا المكاوى والغسالات والثلاجات، وكله بربع الثمن.

 

لا تستعجب، فإذا ما كان لديك وقت كافٍ فستجد على يمينك سوق الموبيليا، غرف نوم وصالون وسفرة وأنتريه وغرف أطفال، كله موجود، حتى أكواب القهوة والشاى، وأطقم الملاعق والسكاكين.. تشترى يا بيه، اتفرَّجى يا هانم، خُد فكرة واشترى بكرة. أما إذا كنت تبحث عن حصان، فلست مضطرًّا إلى دفع تحويشة عمرك فى الحصان المناسب، فقط كل ما يلزمك 1500 جنيه، وذلك لشراء فرس صغير.

 

السوق لم تنتهِ بعد، فهناك شاشات كمبيوتر، أحدث الموديلات، بـ100 جنيه، أما إذا كنت بحاجة إلى كمبيوتر كامل فلست بحاجة إلى نزول أحد المولات، فالكمبيوتر كامل بـ250 جنيهًا، علمًا بأن ثمنه فى الخارج يتعدَّى 1500 جنيه، ولو أردت أن تحصل على «هارد ديسك» كبير، فلن يكلفك أكثر من 20 جنيهًا، وبالنسبة إلى الطابعات، فطابعة «الليزر» ثمنها 125 جنيهًا، أما العادية فهى بنصف الثمن تقريبًا.

 

أحد اللصوص، الذى يقوم بتصريف بضاعته المسروقة فى هذه الأسواق، أكد، أن سوق الجمعة يتردد عليها نحو سبعة آلاف تاجر وبائع، يأتون من كل حدب وصوب، للاسترزاق على طريقتهم، وهى إحدى الأسواق التى تعمل بقوانينها وأحكامها الخاصة، وأشهر ما يميز سوق الجمعة هو الحيوانات التى تُباع فيها، فتجد أنواعًا جيدة من الكلاب، مثل «البلاك جاك، والجيرمن، والرومى»، بأسعار زهيدة جدًّا، لكن ثمن الكلب الذى يصر صاحبه أو بائعه على التمسُّك به دون فصال متكرر مع المشترى، فتعرف أنه غير مسروق، لأن مَن يقوم بعرضه للبيع هو صاحبه أو مربيه.

 

سوق عزبة خير الله

 

وفى البساتين، تقع ثانية أهم الأسواق التى تبيع المسروق، وتعد واحدة من أهم الأسواق التى يصر كثيرون على الذهاب إليها بشكل أسبوعى، فهى ملاذ وملجأ لأرباب السوابق واللصوص والمقبلين على الزواج، الأماكن التى يتهافت عليها كثيرون، خصوصًا ممن أوشك على الزواج، فهناك الأحواض الإستانليس والمراتب الجاهزة وأطقم الحمامات، ويصل سعر طاقم الحمام من نوع «إيديال استاندرد» إلى 300 جنيه، وهو أقل من ربع قيمته الحقيقية، لذلك فالشارى يعرف جيدًا أنه مسروق، لذا فقط يلجأ إلى سوق خير الله كل مَن يحتاج إلى تجهيز شقته بربع الثمن، ولن تتعجَّب من حجم الإقبال على السوق، فالأزمة المالية وارتفاع الأسعار يجعلان حتى متوسّطى الدخل يلجؤون إليها لشراء مستلزماتهم، وعلَّق أحد رواد السوق عند سؤاله عن سبب شرائه المسروق، قائلًا: «الناس هتعمل إيه، العيشة بقت صعبة على الكل.. لازم الغلبان برده يلاقى طلبه والناس تسترزق»، وبالفعل معه كل الحق، فسعر النجفة التى لا يشتريها إلا أبناء الذوات يستطيع العامل البسيط أن يعلّقها فى سقف منزله بـ40 جنيهًا فقط.

 

سوق إمبابة

 

سوق إمبابة تبدأ من بداية نفق إمبابة الذى يمر فوقه قطار الصعيد، وتمتد حتى شارع الوحدة، أى نحو كيلومتر، كما أنها تتداخل مع بعض الشوارع الجانبية، إلا أن سوق المسروق لا تمتد أكثر من 50 مترًا فقط، وتقتصر على بيع العملات الأثرية القديمة، والهواتف المحمولة والأحذية الجلد الطبيعى والإيطالى وبعض الساعات التى تحمل ماركات عالمية، وهى أصلية، إلا أن سعر الساعة قد لا يتجاوز 100 جنيه فقط، وعلى بُعد أمتار منها تبدأ منطقة المنيرة، وبها تُباع على الرصيف بعض الأجهزة الكهربائية، وهى عبارة عن تليفزيونات وغسالات وثلاجات، ويصل سعر التليفزيون الحديث إلى 200 جنيه، وإذا كنت قادرًا على المساومة فتستطيع أن تحصل عليه بأقل من ذلك.

 

«أبو حشيش»

 

وتقع سوق أبو حشيش (القرود سابقًا)، بعزبة أبو حشيش (الصفيح سابقًا)، أسفل كوبرى غمرة، وهى إحدى أشهر الأسواق والأماكن التى تبيع كل شىء، الغريب أن كل ما تحتاجه موجود هناك، لكن لا تسأل من أين تأتى، إذا أردت أن تشترى فابحث عما تريد واحصل عليه، وأنقذ حياتك واهرب سريعًا، فالسوق بها المكاتب والأجهزة الكهربائية الخفيفة، مثل الكمبيوترات والكاميرات، فضلًا عن الساعات، وأطقم الصينى، وغيرها من مستلزمات المطابخ موجودة بكثرة فى السوق، كما تجد أفضل أنواع الأنتريهات والصالونات بأسعار زهيدة، ويبدأ سعر الأنتريه من 350 جنيهًا حتى 750 جنيهًا، والصالون من 500 جنيه حتى 1000 جنيه، أما غرفة النوم فلا يتجاوز سعر أفخمها 2000 جنيه.

 

وعلَّقت إحدى السيدات التى قررت أن تكون مرشدة، خلال جولتها بالسوق، مؤكدة أن عربة كبدة خاصة بها سُرقت منها قبل عدة أشهر، فعلمت أنها فى «أبو حشيش»، ونظرًا لكونها فى الشارع منذ فترة طويلة توجَّهت إلى «حميدو»، أحد أشهر العاملين فى الروبابيكيا، والذى دلَّها على «أسامة محشى» أحد مَن يسيطرون على السوق، والذى يمتلك نفوذًا قويًّا داخل السوق، ومن خلاله أعادت «العربة» الخاصة بها.

 

«أبو حشيش»، كما تقول السيدة التى كانت تتفاخر بسجلّها الإجرامى طوال الرحلة بالسوق، أكدت أن أغلب الباعة الموجودين فيها وافدون من محافظة الفيوم، ويقفون جميعهم يدًا واحدة فى أى حال.

 

سوق النهضة

 

وتقع سوق النهضة بالسلام، وتتخصَّص بشكل أساسى فى بيع الأجهزة الكهربائية، فهناك تُباع الثلاجات المسروقة والغسالات والتليفزيونات، ويصل سعر الثلاجة فى السوق إلى 100 جنيه فقط، والتليفزيون يصل إلى السعر ذاته تقريبًا، إلا أن هناك مشكلة واحدة فقط قد تدفعك إلى تغيُّر وجهة نظرك والتوجُّه إلى سوق التونسى أو عزبة أبو حشيش، ألا وهى أن سوق النهضة تقع بمنطقة نائية يسيطر عليها العربان المعروف عنهم ارتكاب أعمال البلطجة وفرض نفوذهم، وقتها سوف تسمع كلمة واحدة فقط «شخلل علشان تعدّى».

 

شارع عبد العزيز

 

هى أشهر سوق فى القاهرة لبيع الأجهزة الكهربائية، ورغم وجود محلات تجارية تتعامل بشكل قانونى، فإن ذلك يكون فى الأجهزة الكهربائية فقط، أما بالنسبة إلى المحمول فيستطيع اللصوص أن يبيعوا ما يريدونه بربع الثمن الحقيقى، وتاجر شارع عبد العزيز لن يبيع لك بالثمن ذاته، فهو يقدّر جيدًا ثمن القطعة التى بيده، ولكن احترس فقد تتم سرقة ما بحوزتك فى أثناء جولتك لشراء هاتف جديد.

 

بينما أكدت سيدة فى الأربعين من عمرها، صاحبة فرش بشارع عبد العزيز، أن شارع عبد العزيز ليس كما يبدو، فهو عبارة عن مافيا لتجارة وبيع الهواتف المحمولة المسروقة، على الرغم من كونه يقع أمام قسم شرطة الموسكى مباشرة، مؤكدة أنها قضت فترة الحبس داخل حجز القسم قبل الثورة فى قضية بلطجة، واطَّلعت داخل الحجز على أسرار السوق وقوانينها، وخرجت لتتحوَّل إلى واحدة من أهم التجار بالمنطقة، وقالت إن أول ما يفعله لصّ المحمول قبل ذهابه لبيع التليفون المسروق فى «عبد العزيز» هو تغيير اسم «البولوتوث» الخاص بالجهاز، وعمل فرمتة تامة له، حتى لا يُكتشف أمره، والباقى كما تقول «هو عارف هيعمل فيه إيه»، مضيفة أن أمناء الشرطة أحيانًا ما يشترون بعضًا من تلك الهواتف المحمولة لتصريفها بطريقتهم الخاصة، وينخفض سعر الهاتف المسروق فى «عبد العزيز»، لكن ليس كثيرًا كما يحدث فى أسواق المسروق الأخرى، خصوصًا أن الشارى لا يعرف أنه مسروق «لكن طبعًا دون فاتورة مبايعة».

 

من جانبه، شرح مصدر أمنى بقسم شرطة الموسكى، المطل على شارع عبد العزيز، الصعوبة التى يواجهها رجال الأمن فى مواجهة الباعة الجائلين بالشارع الشهير، فيقول «كيف يمكن أن تطهّر الشارع وشارع الأزهر من الباعة الذين يتراصون فيه، فالقرار صعب للغاية وليس كما يتخيّله البعض، فالبائع يتحصَّل على ما لا يقل عن ٣ آلاف جنيه يوميًّا من حصيلة بيعه وتجارته الرائجة فى تلك المنطقة المكتظة بالأهالى، فطرده من مكانه بمثابة الحرب على لقمة عيشه التى سيضحى بحياته وكل ما يملك نظير الدفاع عنها، لأن العائد المادى الذى يجلبه من فرشته فى تلك المنطقة أفضل من دخل وكيل الوزارة، على حد وصف المصدر»، مؤكدًا أن الأمر يحتاج إلى قرار سيادى باتخاذ كل اللازم لتطهير المكان، خصوصًا أنه يتسبَّب فى تكدُّس المنطقة أسفل كوبرى الأزهر ومنطقة العتبة.

 

سوق عزبة الليمون

 

«كريم» مسجّل خطر آه.. بس ابن بلد، قرر أن يقوم بمرافقتنا فى أثناء جولتنا بـ«عزبة الليمون» فى المطرية، مؤكدًا أنه تربّى فى المنطقة، ويعرف كل شبر فيها، وقادنا إلى سوق المسروق، والتى هى عبارة عن شوارع جانبية، وتُباع فيها الهواتف المسروقة وغيرها، حتى إن ثمن الجزمة الإيطالى على فرش الباعة لا يتعدَّى 10 جنيهات، بينما يُباع المكتب بسعر 100 جنيه، وقد يصل إلى 150 جنيهًا رغم كونه حديثًا من حيث التصميم ومتينًا من حيث الخامة، أما بالنسبة إلى الكراسى المتحركة فيتراوح سعرها من 100 جنيه إلى 180 جنيهًا.

 

بينما قال «إبراهيم.م»، وشهرته «المُجرم»، أحد مسجّلى السرقات العامة، عن الأسواق التى تبيع المسروقات وتعرضها للجمهور «إن الأسعار تناسب دخله المتواضع»، مؤكدًا أن الجميع فى تلك الأسواق من البائع والمشترى يعرف جيدًا أن البضاعة التى فى يده مسروقة، وتم الحصول عليها بشكل غير مشروع، إلا أن ضيق الحال وغلاء الأسعار يدفعان المشترى إلى البحث عن كل ما هو رخيص وقيّم، وهو ما سيجده بأسواق المسروق