أخبار عاجلة

الظالم والمظلوم

الخميس 06 ديسمبر 2018 04:54:20 مساءً

كنت أشاهد أحد الأفلام السينيمائية المصرية ذات يوم وكان بعنوان «الظالم والمظلوم» ورغم كثرة الإعلانات السيئة الطويلة في فواصل الفيلم لم يكن بوسعي غير الإنتظار حتي أكمله للنهاية، فقد كان حقا مشوقا ويتناول قضية أكثر من رائعة، والرواية والفكرة مأخوذة عن قصة انتقام الكونت دي مونت كريستو للكاتب العالمي جارسيا ماركيز، وتدور الأحداث عن عامل يدعى جابر «نور الشريف» وهو شاب يعمل في ميناء الإسكندرية ويتميز بشهامة ابن البلد، وهو يحب الفتاة بدور «إلهام شاهين» ويتزوجها، يراها مسئول كبير في الاتحاد الاشتراكي «سالم» أيام بدء النظام الاشتراكي فيأسره جمالها وتتحرك شهواته الدنيئة، ويساعده في الوصول إليها بعض أذنابه (القوصي- بربوقة- نزيه)، وحين يعلم زوجها بذلك يكاد يفتك به، ولكن قوى البطش تقهره فيدخل السجن ظلماً ويخرج بعد 25 عاماً ليصبح الظالم والمظلوم وجهاً لوجهٍ حيثُ ينتقم من كل الذين أدخلوه السجن، وسط مطاردات يقوم بها ابنه الضابط الذي لا يعرف هويته، ويسعى للقبض عليه، وينجح المظلوم في النهاية فى قتل كل من ظلموه ويقتل هو ايضا، ويعلم ابنه الحقيقة كاملة.

 

 

وإذا كانت روح الانتقام تجسدت في المظلوم لينال حقه من الظالم ويأخذ القصاص كما حدث في الفيلم فقد يكون الأمر طبيعيا كرواية، ولكن ما شغلني هو شئ آخر وهو  لماذا حدثت وتساقطت كل تلك الدماء ? فقط كانت من أجل غريزة جنسية لأحد الأغنياء لينال رغبته من زوجة أحد العمال الفقراء اذا خطأ شهواني وصل بنا الي تلك الدماء، فما بالنا حين ندرك أن العالم قد يتحول الي ظلام دامس بسبب أخطاء  لغوية بسيطة ومن سوء فهم ينفجر بعدها العالم ويودي بينا الي الجحيم.

 

 

إذا علي كل انسان أن  يدرك ويقاوم الصراع الداخلي للنفس الأمارة بالسوء؛ فجهاد النفس هو أعظمها وأعمقها كما قال النبي محمد عليه الصلاة والسلام، فكل انسان لابد أن ينتصر لفطرته وإنسانيته وأخلاقه فلا يطمع ولا يخون ولا يكذب ولا يسرق ولا يقتل الي آخره فيتحول الي ظالم ، فالله سبحانه وتعالي يغفر الذنوب جميعا  طالما ما بينه وبين عبده لكن حينما يظلم عبدا آخر فسيصبح خصيمه في الدنيا والآخرة، ودعوة المظلوم تفتح لها أبواب السماوات فيستحيب الله وينزل العذاب علي الظالمين  في الدنيا قبل الآخرة حتي يتعظ الآخرين من بني البشر، ولكن الإنسان بطبعه نمرودا جحودا يصر دائما علي الظلم ويبرر لنفسه ذلك، والغريب وهو ما يدهشني بأن يجعله حقا مكتسبا وأنه يدافع عن نفسه ويتناسي كل شئ حتي لو مع إنسان أحبه في الله أخلص وأوفي له قدم له كل الجميل والعرفان والتقدير دون انتظار لرد جميل او تذكرة به، وكل ذلك من أجل الدنيا التي خلقنا الله فيها وسخرها لنا لنرتقي انسانياً لننال الجائزة والحياة الآخري الراقية الدائمة في جناته ونعيمه.

 

 

أخيراً .. عزيزي الانسان راجع حساباتك جيداً بنقاء وصفاء وأبعد عن مبرراتك الواهية الخاسرة فلا عمل ولا منصب ولا مال ولا غرور وكبرياء  ينفع ، وتذكر إذا ما يوما آذيت أو ظلمت أحداً من إخوتك من بني البشر؛ فأذهب له واطلب منه العفو والسماح ليرضي عنك الله وتنجو من دعوة المظلوم التي تقضي عليك آجلا أم عاجلا دنيا أو آخره، ونصيحتي الأخيرة أقتل كبريائك ونفسك السيئة بداخلك وتنحي عنها تماماً وإنزل وتواضع وتسامح طاعة وحباً وعشقاً لله لترضي مخلوقاته جميعاً وأعلم أنه لا عشق ولا حب إلا لله، وأننا خلقنا بني البشر جميعاً لنجاهد فيه لنعرفه ولنجاهد في سبيله لنطيعه فأجعل نفسك دائماً في معيته فتربح.