أخبار عاجلة

خطيئة «ليفيوس»

الخميس 28 أبريل 2016 07:30:17 مساءً

"كايوس ماتيوز ليفيوس" هو قائد الجيوش في الأمبراطورية الرومانية وهي في أوج قوتها واتساعها إبان عصر الأمبراطور "كارلوس أوريليوس" الملقب بالحكيم .

 

عرض الأمبراطور العجوز على قائد جيوشه ان يتولي العرش بعده لأعتقاده بأنه الأصلح لخدمه الأمبراطورية والحرص عليها من إبنه ووريثه الطبيعي ذو الصفات السيئة والطباع الشاذه إذ كان الأمبراطور من المحبين العظام لروما ، وهذه قصة آخرى.

 

يرفض "ليفيوس" بإصرار رأي استاذه واباه الروحي لأن الأبن كان صديقه وكان فى علاقه حب مع أخته بنت الأمبراطور واعتقد أنه بقبوله العرض يكون خائنا لعهود الصداقة والحب، وتتصاعد الأحداث ويقتل الابن أباه ويرفع "ليفيوس" ذراع صديقه في حفل التتويج وينادى به امبراطورا لا شك فيه.

 

وتذهب الإحداث إلى المجرى المحتوم وتضيع آلاف الارواح وينتشر الفساد ويضطر "ليفيوس" لقتل الامبراطور بيديه ولكن بعد ان زرعت بذور النهاية فى جسد الامبراطورية وان ادت لسقوطها بالفعل بعد ذلك بسنين طويله.

 

كان "ليفيوس" يعلم تماما فساد الابن ومدى حكمه وشجاعه عرض الامبراطور ولكنه باسم الشهامه والصداقة والحرص على الصديق والحبيبه رفض باصرار.

 

وترك الامبراطورية لمصير مظلم ودفع الآلاف الثمن من تحمل الظلم وسفك دمائهم. آتراه اختار السلام لنفسه وربما راحه ضميره ، ام انجاز إلى بعض القيم العليا التى افرزتها التجربة البشرية على مر الزمن ، تاركا مصير دولة من اعظم الدول التى ظهرت على وجه الارض للأنهيار وحقوق الناس للأنتهاك.

 

لقد كانت الخطيئة الكبري إيها القائد انك تملك الصفات المطلوبة وجائتك الفرصه لكى تضع هذا لخدمة دولتك والشعب الروماني الذى حاز بالفعل ما سمى بحقوق المواطن الروماني فى هذه التوقيت.

 

وفى لحظة الاختيار رفضت هذا الدور الجليل بإدعاءات ظاهرها الانحياز للأخلاق السامية من شهامة وصداقة وحب وحقيقتها اهدار امانه امتلاك العلم والقدرة والإرادة بل والخروج تماما من امانه الاختيار.

 

هل يجوز باسم هذه الأخلاق الحميدة والتى لا خلاف عليها أن يتخلى الأعلم والأقدر بنفسه عن مصالح البلاد والعباد بحجه التمسك بها ... ؟ أم يكون قد أخطأ في حق امانه العلم والقدره والأختيار بأسم فضائل لم توضع يقينا لتصفيد ايدى من يملكون العلم والارادة ويعلمونها في انفسهم ولكنهم باختيارهم اهدروها باسم صفات او اخلاق قد نتفق عليها جميعا وان اختلفنا فى كيفيه توظيفها في امور الحياة، هو ضمير الاختيار ما نتحدث عنه.

 

كانت القدرة على الاختيار بين المتشابهات بأولويات تتأرجح بين الشخصي والمتعلق بالآخرين من اكثر ما يميز الجنس البشري على الارض ، وحياة الانسان كلها مجموعه من الاختيارات يمارس بعضها بتلقائيه بحكم العادة والخبرة ولا يشعر بها من يمارسها أما الهام من الاختيارات والتى تقف فيها الاخلاق والمصالح وجها لوجه وتثير الحيرة وربما العجز عن اختيار الصحيح بين عده امور صحيحه وان كان هناك الاصح والاولي بالاختيار فهى ما نتحدث عنه.

 

وإذا كان الاسنان يحتاج الى ضميره فى شئ فلأصل ان يوظفه في الإختيار بين البدائل المختلفة بأولويات يستبعد بها عوامل الهوى والشر وتفضيل الاسهل في مواجهه الاصح من دوافع الاختيار الحكيم.

 

كل هذه العوامل تحتاج الى ضمير يقظ لكى لا تهرب من امانه الاختيار القائم على العلم والاراده ولكى لا تقع فى خطيئه "ليفيوس".