أخبار عاجلة

المدينة المصرية وتتابع أجيال المدن

السبت 23 يناير 2016 07:01:13 مساءً

باتت المدن المصرية عامة القديمة منها والجديدة خاصة في أمس الحاجة إلي عقول أبنائها المفكرين وأيديهم الحانية والعاملة لكي تمتد إليها بيد الرعاية والصيانة، بعد أن أغمضت الحكومات المتتالية أعينها عن النمو العشوائي والسرطاني للمدن المصرية والذى أصبح يشكل عبئ كبير علي المرافق والبنية التحتية لكل المدن القديمه مما يعوق عملية التوسع الحضارى لها ويشكل الوجه السيئ واللانساني للمدينة المصرية الحديثة.

 

فقد باتت كافة مدن مصر القديمة تعاني من مشكلات الترهل والشيخوخة وبدأت في صرخات الأنين تطلب الدواء ولا يغيب عن معظم العقول المفكرة أن الدواء بسيط ومتوفر بين أيدينا ولا يحتاج الكثير. فهذه المدن قد تم بناء معظمها وقت إن كان عدد سكان مصر لا يتجاوز العشرين مليون نسمة، والآن وقد جاوز السكان التسعون مليون، وبات جليا علي الحكومة بل الشعب كله لأن يفكر في حل لهذه المشكلات وإعادة ترتيب الاهميات بحث لا يتم تأجيل حل مشكلة كبيرة لحين الإنتهاء من حل مشكلة أخرى صغيرة أوغير مؤثرة. فإنقاذ المدن وعواصم الأقاليم هي إنقاذ لإسم وتاريخ مصر وكذلك إنقاذ للمال العام ويساعد في توفير الحياة الكريمة لأبناء مصر جميعا في شتي بقاع مصر كلها، كما وأنه يساعد علي وقف الهجرة إلي العاصمة الأم.

 

وأقترح أن تتولي كل محافظة تشكيل لجنة لإعادة تخطيط مدنها وعواصمها بما يتفق والوضع الحالي لها مع مراعاة الزيادة السكانية السنوية ولمدة عشرون عاما مستقبلية علي الأقل وجعل هذه الرؤية والخطط ذات أولوية في التنفيذ وتأجيل أى خطط ذات أهمية أقل منها إلي مراحل أخرى، لابد أن يكون هناك رؤية واضحة لمستقبل هذه المدن القديمة قبل البدء في إعادة تخطيطها كذلك لابد من تحديد الهدف من إعادة التخطيط وآلية التنفيذ إلي جانب إختيار القاعدة التي تنطلق منها عمليات التخطيط لتطوير هذه المدن القديمه، فهناك مدن ذات قاعدة صناعية وأخرى ذات قاعدة إقتصادية أو تجارية والبعض الآخر مدن خدمات.

 

كما يجب فتح الباب للقطاع الخاص للمشاركة في النهوض بالمدن والعواصم المصرية عن طريق تخصيص بعض المشاريع الحيوية لهم كإنشاء الجراجات متعددة الطوابق داخل المدن وانشاء الكبارى العلوية والطرق السريعة التي تربط المدن القديمة والحديثة وكذا إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة لتحل محل العشوائيات المنتشرة بهذه المدن القديمة وكذلك تشجيع التوسع الرأسي بهذه المحافظات علي حساب التوسع الأفقي للحفاظ علي الرقعة الزراعية وللإستغلال الأمثل للمساحة الحالية لهذه المدن. كما لا يفوتنا هنا أهمية توزيع الخدمات علي أقاليم مصر المختلفة بدلا من مركزية الخدمات الذى ما زلنا نعاني منه ومن عدم تساوى توزيع الخدمات بين المحافظات رغم التحول الاقتصادى الكبير، وكذلك لابد أن تشمل عملية التطوير رفع كفاءة الطرق بين المدن القديمة والعاصمة الكبرى لوقف نزيف الهجرة الداخلية والحفاظ علي مليارات الجنيهات تشكل ما صرف علي البنية خلال العقود الماضية.

 

وهنا لابد وأن يكون لنا وقفة من أجل أن يكون لكل محافظة مشروعها القومي الهام الذى يستطيع إستيعاب حلم وطاقات شبابها والذى تبذل فيه قصارى جهدها وعقول مفكريها وأموال مستثمريها المخلصين ومن شأن هذه المشروعات أن تعمق الإنتماء لدى الأجيال الجديدة تجاه وطنهم واستيعاب الأعداد الهائلة من الشباب المتعطل والمتشوق للعمل وكذلك فتح آفاق جديدة للإستثمار بالمحافظات ورفع مستوى دخل الفرد وزيادة دور أقاليم مصر المختلفة في النهوض بالإقتصاد القومى والعمل علي وقف الهجرة إلي القاهرة كل هذا وغيره الكثير والكثير من الأفكار الجادة يجب الأخذ فيها بعين الاعتبار قبل البدء في عمليات إنشاء أجيال متتابعة من المدن الجديدة حتي لا نفاجأ بتحول المدن القديمة إلي مدن أشباح وأطلال وتصبح أثرا بعد حين وتصير خسارة فادحة للاقتصاد القومي.

 

ولذلك فإنني أضم صوتي للأصوات المنادية بالنهوض والإهتمام بالمدن المصرية كافة جنبا إلي جبن مع إنشاء المدن الجديدة.