أخبار عاجلة

مصر وقناة السويس والمستقبل

الجمعة 15 يناير 2016 10:04:13 مساءً

 

إن أساس قدرة أى دولة علي النهوض واللحاق بركب التنمية العالمية يعتمد علي قدرتها علي استغلال مواردها الطبيعية والبشرية بأقصي صورة تسمح لها بالنمو والتقدم والإزدهار وفي نفس الوقت تحافظ علي حق الأجيال القادمه في الموارد والثروة لتأمين مستقبل الأمه.

 

ومصر من الدول التي تمتلك موارد بشرية وطبيعية غير محدوده ساعدتها علي مر الزمان أن تتسيد العالم وأن تصبح مطمع لكافة الشعوب من أجل مشاركتها هذه الموارد واقتسامها معها أو بمعني آخر السطو عليها تحت مسميات مختلفه.

 

والآن ونحن علي أعتاب مرحلة تاريخية حقيقية من تاريخ مصر الحديث ما أحوجنا إلي النظر مرة أخرى إلي مقوماتنا الذاتية ودراسة كيفية تحقيق أقصي استفاده منها للحاق بقطار التنمية والذى استطاعت العديد من الدول التي كانت نامية ودون النامية أن تلحق به تاركينا من خلفهم نترنح في ركب الدول المتعثرة.

 

فإذا نظرنا لمعدلات التنمية الحقيقية بمصر نجد أنها دون المعدلات العالمية والتي استطاعت الدول الناهضة أن تحققها في طريق عبورها للتخلف وإننا مازلنا حتي الآن نفتقد البداية الحقيقية لعبور النفق المظلم إلي شمس التنمية والرخاء والازدهار.

 

ففي الوقت الذى يميل ميزان المدفوعات المصرى لمعظم عمليات التبادل التجارى إلي الجانب الخارجي علي حساب المصنع والعامل المصرى، مما يدل علي أن إنتاجنا لايكفي استهلاكنا المحلي وإنه أيضا لايكفي لسد احتياجاتنا الخارجية بغض النظر عن أهمية هذه الواردات لعمليات التنمية.

 

 لم نجد أى تحرك جاد لدفع عجلة الانتاج لسد الفجوة بين الانتاج المحلي والاستهلاك وما يترتب علي ذلك من الاتجاه نحو الاستيراد أو الواردات والتي فاقت قيمة الصادرات، مما يسبب الخلل في ميزان المدفوعات وبالتالي العجز المتراكم والمتزايد سنويا في الموازنة العامة وتضخم الدين الخارجي والداخلي نتيجة لعجز معدلات النمو عن اللحاق بالزيادة في الدين الخارجي والداخلي للتغلب عليه، والاتجاه للحل الأسهل بفرض ضرائب متتالية ومتنوعه لتعويض العجز في الميزانية بدلا من الاتجاه إلي جذب مزيد من الاستثمارات وتوفير البنية التحتية والبيئة الجاذبة لها من الموارد البشرية المؤهلة.

 

ولايجب أن نغفل أن تحويلات المصرين بالخارج من المنتظر أن يتقلص دورها خلال العشر سنوات المقبلة، نتيجة لاتجاه معظم دول الخليج لاحلال العمالة الوطنية محل العمالة الوافدة مما سيصيب الناتج القومي الاجمالي في مقتل إن لم نستعد لهذه المرحلة من الآن بإعداد العمالة عالية التخصص والتي يحتاجها السوق الخارجي علي حساب العمالة النمطية والتي تقلصت حاجة السوق الخارجي لها.

 

ورغم أن هذه المشكلة ليست وليدة اليوم فإننا نجد أن الخطوات المبذوله في إتجاه معالجة هذه المشكلة والتي سبقتنا لحلها العديد من الدول وخاصة مجموعة النمور الآسيوية والتي كانت معظم نقاط إنطلاقها متأخرة كثيرا عن مصر.

 

 ولكن غض البصر عن الأسباب الحقيقية والخطوات العلمية لحل المشكلة أجلت الحل وزادت من تفاقمها وأدت لحدوث ثورتين بمصر ومازالت خطواتنا علي الطريق متعثرة رغم حسن النوايا وبعض المشروعات الكبرى التي ينتظر أن تحدث تغيير في وضع الاقتصاد المصرى، وإن كان من غير المتوقع أن تساهم وحدها في حدوث الإنفراجه نظرا لتشابك عناصر خارطة الطريق الخاصة بحل الأزمه.

 

فمشروع قناة السويس الجديدة وحده لن يستطيع قيادة قاطرة التنمية الاقتصاديه بدون تنمية بشرية حقيقية تقوم علي الإنسان وإعداده للمستقبل مثلما فعلت كافة الدول الناجحة. فما زالت معدلات الأمية مرتفعة وكذلك نفتقد إلي العلوم الحديثة والتخصصات العلمية الدقيقه التي تتطلبها المشروعات القادمة. فمازالت الجامعات الحكومية الجديدة تعج بنفس الكليات التقليدية التي تخرج الآف من الشباب العاطلين سنويا ذوى التخصصات الغير مطلوبة بسوق العمل الخارجي أو حتي الداخلي وكذلك التعليم الفني الذى لم تمسسه أو تمتد إليه يد التطوير علي مدى عقود طويله، في الوقت الذى تنفق الدولة مليارات الجنيهات علي التعليم سنويا نرى أن أغلبها إن لم يكن معظمها يهدر في كليات ومدارس تقليدية وجامعات نمطية وأبحاث علمية لاتفيد مشاريع التنمية ومنفصلة تماما عن الواقع والمجتمع وتستنزف الأموال الطائلة دون عائد حقيقي علي المجتمع. والخوف كل الخوف أن نضطر في المرحلة المقبلة إلي استيراد العمالة المتخصصة من الخارج لسد إحتياجات المشروعات الحديثة علي أرض مصر بينما شبابنا يعاني البطالة وإنخفاض مستوى المعيشة نتيجة فشل السياسات التعليمية الحالية في سد احتياجات سوق العمل الداخلي والخارجي وانشغالها بالإستمرار في السياسات الحالية علي حساب الاحتياجات الفعلية والمستقبلية المحلية والاقليمية والدولية.

 

وأخيرا فإن هذه دعوه أخيره للقائمين علي كافة نواحي التنميه لمراجعة السياسات العامة المصاحبة للتنمية واستبعاد كل ما لا يصب في صالح التنميه ومستقبل الشعب فورا، والبدء في تصحيح كافة الاجراءات للارتقاء بهذا الشعب والعمل علي تقدم هذا الوطن.