أخبار عاجلة

للمرة الأولى صاروخ ذكى لوضع الأقمار الصناعية والعودة سالماً

الأحد 27 ديسمبر 2015 09:45:00 مساءً

الشرقية الآن - متابعات

نجحت شركة الفضاء الخاصة سبيس إكس (space x) من إطلاق أحد صواريخها باتجاه الفضاء،ثم العودة به مرة أخرى،والهبوط على سطح الأرض دون أن يتلف أو يفقد مساره، في خطوة هي الأولى من نوعها التي يشهدها مجال صناعة الفضاء في العالم.

 

فمن المعروف أن صاروخ الفضاء يختلف عن المركبة الفضائية؛كون الصاروخ هو الناقل للمركبة الفضائية أو سفينة الفضاء إلى خارج حدود الغلاف الجوي، لتستمر المركبة الفضائية بمهمتها، ثم تعود مرة أخرى إلى الأرض، فيما يدمر الصاروخ تدريجياً وينتشر في الفضاء.

هبوط رأسي

 

في مساء يوم الاثنين الماضي انطلقت صرخات الفرح والسعادة من مقر شركة سبيس إكس الرئيس في جنوب ولاية كاليفورنيا الأمريكية، بعدما نجح الصاروخ “فالكون 9” من الهبوط بسلام بشكل عمودي. وقد وصف أحد العاملين بالشركة هذا الحدث بأنه “كأنك تقوم بإطلاق قلم رصاص من أعلى مبنى إمباير ستيت ثم تقوم بعكس القلم والهبوط به على صندوق للأحذية على سطح الأرض وسط عاصفة قوية”، وهو ما يعكس الصعوبة البالغة لهذا الحدث التاريخي.

 

شاهد لحظة الهبوط التاريخية:

 

الصاروخ انطلق من قاعدة كيب كانافيرال الجوية بمدينة فلوريدا الأمريكية في تمام الساعة 8:29 مساءاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة وسط مخاوف من عدم إتمام عملية الإقلاع بالشكل الأمثل. هذه المخاوف تعود إلى انفجار آخر صاروخ قامت الشركة بإطلاقه إلى الفضاء، وهو من طراز “فالكون 9” أيضاً بعد لحظات من إقلاعه نتيجة انفجار دعامة صلبة تحمل زجاجة من الهيليوم مما تسبب في تفاعلات متسلسلة أدت في النهاية إلى انفجار الصاروخ في شهر يونيو الماضي.

 

وقام هذا الصاروخ بوضع أقمار صناعية اسمها “ROBBCOM” في مداره الفضائي، ثم العودة لسطح الأرض.

أهمية التجربة

 

هذا الهبوط الناجح للصاروخ فالكون يعد خطوة مهمة جداً، ليس فقط للشركة، لكن للعالم كله. فالتجربة تعطي إشارة البدء لسباق فضائي جديد، خصوصاً بين الشركات الطموحة التي تسعى لتحقيق الأرباح من وراء استكشاف الحدود اللانهائية لصناعة الفضاء.

 

اقتصاد الفضاء العالمي وصل حالياً إلى 330 مليار دولار أمريكي وسط نمو سريع بشكل ملحوظ. ووفقاً لمؤسسة الفضاء فإن 75% من هذا الاقتصاد مخصص للأنشطة التجارية. وستمثل الصواريخ المعادة الاستخدام فوائد كبيرة خصوصاً لهذه الشركات الخاصة.

 

حالياً فإن جميع الصواريخ الفضائية يتم تصميمها كأدوات مساعدة في عملية الإطلاق والتي تحترق عند احتكاكها بالغلاف الجوي أثناء العودة للغلاف الجوي للأرض. وفي كل مرة يتم فيها إطلاق صاروخ فضائي فإن مبلغ 60 مليون دولار يحترق في غلاف الأرض.

 

هذا الأمر بالطبع جعل الرحلات الفضائية باهظة الثمن ونادرة، لكن تجربة سبيس إكس ستجعل الصواريخ الفضائية مثلها مثل الطائرات، تقلع وتتم مهمتها، ثم تعود للأرض حيث يتم صيانتها وإعادة ملئها بالوقود لتغادر الأرض من جديد في مهمة جديدة، مما سيخفض سعر الرحلة الفضائية من ملايين الدولارات إلى مئات الآلاف فقط.

 

هذا الأمر سيؤدي إلى إطلاق للكثير من الصواريخ إلى الفضاء عبر الشركات الخاصة والحكومات، وسيؤدي بالطبع إلى إطلاق المزيد من الأقمار الصناعية، والحدث الأبرز سيكون هو سياحة الفضاء، كما أن إطلاق صواريخ على متنها بشر إلى المريخ سيكون أمرا متوقعا قريباً. وقد وصل الأمر بمالك شركة سبيس إكس إلى التصريح بإمكانية بناء مدينة على متن الكوكب الأحمر.

شهاب

حلم سبيس إكس

 

أخيراً تحقق الحلم الذي كانت تسعى إليه الشركة ورئيسها الجرىء إيلون ماسك، عبر الإقلاع العمودي لصاروخ، ثم الهبوط به عمودياً مرة أخرى بعد الوصول إلى مداره في الفضاء.

 

وكانت الشركة قد قامت بمحاولتين سابقتين خلال هذا العام لعملية الهبوط العمودي، الأولى كانت في شهر يناير والثانية في شهر أبريل، حيث فشل الصاروخ في الهبوط على متن بارجة آلية تم تصميمها لهذا الغرض تحديداً في المحيط الأطلنطي. في كل مرة كان الصاروخ يلمس هدفه بالفعل، لكن النظام يفشل في إتمام عملية الهبوط لينفجر الصاروخ.

 

تجربة مشابهة

 

منذ شهر تقريباً، شهد العالم تجربة مميزة ألقت بضغوطات كبيرة على شركة سبيس إكس لإتمام عملها. فقد قامت شركة “بلو اوريجين blue origin”، وهي شركة خاصة بالسياحة الفضائية ويمتلكها جيف بيزوس، بالإعلان عن إطلاقها صاروخ لا يحمل بشر، والعودة به إلى سطح الأرض والهبوط بشكل عمودي مستقيم.

 

الاختلاف هنا كان فيما عبر عنه رئيس شركة سبيس إكس من أن هذا الصاروخ لم يصل إلى مدار خارج الأرض. فالصاروخ نجح في الإقلاع والوصول لنهاية الغلاف الجوي ودخول الفضاء، ليعود ويهبط مرة أخرى على سطح الأرض بشكل عمودي ليصبح أول صاروخ فضائي في التاريخ يهبط بشكل عمودي بنجاح، لكن هذا الصاروخ لم يصل إلى مدار معين خارج الأرض ويدور به. صاروخ بلو أوريجين مصمم لنقل البشر بينما صاروخ سبيس إكس مصمم لنقل البضائع والأقمار، كما أن الصاروخ الأول مخصص للسفر قرب حدود الفضاء، لكنه لا يستطيع وضع مركبات فضائية في مدارها حول الأرض، بعكس الصاروخ الثاني.

 

هاتان التجربتان الناجحتان في مجال الفضاء تعني أن فكرة الصاواريخ الفضائية القابلة لإعادة الاستخدام أصبحت واقعاً، ويمثل نقطة فارقة في عالم صناعة الفضاء. فمن النادر أن تتمكن وكالات الفضاء المختلفة من إنقاذ الصاروخ المخصص للإطلاق بعد انطلاقه؛ نتيجة عنف عملية الانطلاق، فالقطع المتبقية من الصاروخ تحتاج لأشهر من عمليات الإصلاح حتى يمكن استخدامها مرة أخرى.

 

تجدر الإشارة هنا إلى تجربة سابقة أيضاً، عندما تمكنت شركة الفضاء “spaceshipone” من أن تصبح أول شركة تتمكن من إطلاق سفينة فضائية على متنها بشر للدخول إلى الفضاء والعودة مرة أخرى، مع إمكانية إعادة استخدام هذه المركبة الفضائية مرة أخرى، لكن هذه المركبة أيضاً لم تتمكن من الدخول إلى مدار حول الأرض، كما أنها احتاجت إلى أجهزة إطلاق مساعدة.

التعاون المستقبلي

 

منذ بدء انطلاق سباق الفضاء في ستينات القرن الماضي، اقتصرت عملية إطلاق الصواريخ على المؤسسات الحكومية كنوع من أنواع تأكيد القومية والوطنية إذ كان التمويل يتم عبر دافعي الضرائب من الشعب. وفي هذا الشأن لعبت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا دوراً هاماً جداً حتى أن ميزانيتها زادت على مر السنوات كما حظيت بدعم كبير في الكونغرس الأمريكي.

 

لكن السباق الفضائي الجديد سيعتمد على تعاون مشترك بين القطاعين العام والخاص على حد سواء. فوكالة الفضاء الأمريكية ناسا تمتلك البنية التحتية الضخمة والتي تشمل منصات الهبوط وغرف التحكم. في المقابل فإن الشركات الخاصة تملك الأموال والتصميم على النجاح.

 

ويعتقد بعض الخبراء أن المنافسة التي ستنشأ بين الشركات الخاصة ستكون عامل هام في القفز بخطوات كبيرة في هذا السباق لعله بشكل أسرع مما سار السباق بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في ستينات القرن الماضي.

 

ويبدو أن هناك صراع كبير بالفعل بين الشركات الخاصة وهو ما يظهر في تصريحات كل من مؤسس شركة أمازون، جيف بيزوس، ومؤسس شركة تسلا، إيلون ماسك. فبمجرد أن قامت شركة بلو أوريجين التابعة لبيزوس بإطلاق صاروخها، حتى بادر ماسك بتهنئة بيزوس لكنه أوضح أن هناك فرقا بين المشروع الخاص بشركته والصاروخ الذي أطلقته بلو أوريجين.

 

وعندما قامت شركة سبيس إكس بإطلاق صاروخها يوم الاثنين قام بيزوس بتهنئتها قائلاً: “أهلاً بكم في النادي” وكأنه يقول إننا السابقون وأنتم اللاحقون.