أخبار عاجلة

«حتى الأموات مش راحمينهم».. القصة الكاملة لهدم المقابر في الشرقية (صور)

السبت 31 أغسطس 2019 10:50:00 صباحاً

إسلام عبد الخالق

«حتى الأموات مش راحمينهم».. عبارة انتشرت كالنار في الهشيم عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمحافظة الشرقية، تتبعها صورًا عديدة لمقابر متهدمة وآثار يبدو عليها للوهلة الأولى أنها بقايا «أكفان»، قبل أن يوضح أحد مروجو الصور أنها لـ 21 «عين» لمقابر حديثة يتراوح عمرها ما بين ثلاث وخمس سنوات، جميعها مُقامة على أرض زراعية بإحدى القرى التابعة لدائرة مركز ومدينة ههيا، منوهًا بأن الإزالة تمت بأمر مباشر من عادل شرشر، رئيس المدينة، بدعوى أنها تعديات على الأراضي الزراعية.
 
«رئيس المدينة وهو راجع من طريق المقابر لقى ناس بتبني ترب جديدة راح أمر بإزالة 21 عين، منها اللي مبنية من 5 سنين، ومنها اللي بقالها 3 سنين واكتر».. قالها فارس محمد، أحد أهالي قرية «صبيح» التابعة لدائرة مركز ومدينة ههيا، موضحًا أن كان شاهد عيان على تنفيذ الإزالة وقت حدوثها بصورة مفاجئة.
 
وأوضح فارس، أن الإزالة جاءت دون سابق إنذار، منوهًا بأن بعضها كانت تحتوي على رفات جثث وأكفان، قبل أن يشير إلى أن المقابر التي تمت إزالتها حديثةً مقارنةً بالمقابر المجاورة لها على بُعد مسافة قليلة منها، والتي يصل عمرها لأكثر من سبعون عامًا.
 
 
وأشار الرجل، إلى أن أغلب المقابر التي يقوم الأهالي ببنائها في تلك الناحية جميعها تتم دون تراخيص، قائلًا: «طول عمر الناس بتبني ترب جديدة علشان موتاهم بيبقوا كتير في الترب القديمة، وكل دا بيبقى من غير تراخيص ولا حاجة».
 
وشدد فارس، على أنه وعدد كبير من أهالي القرية توجهوا إلى مقر اللواء عصام أبو المجد، عضو مجلس النواب عن مركز ومدينة ههيا، وذلك لعرض الأمر عليه، قبل أن يُلخص الشكوى بعبارة مُقتضبة: «كل طلبنا منه نشوف لو كان يرضيه اللي حصل وإيه الحل في هدم المقابر فوق جثث الموتى من غير رحمة ولا حرمانية، وأكيد الكلام دا ما يرضيش معالي المحافظ».
 
وتابع: «أنا مش صاحب مصلحة ولا حاجة، لكن كنت موجود وقت الإزالة وشوفت بعيني أكفان وجثث علشان المقابر دي مبنية بقالها فوق الـ3 سنين وأكتر، واللي حصل حاجة صعبة»، منوهًا بأن وجوده وقت الإزالة وتصويره الواقعة كان من قبيل المصادفة ليس إلا.
 
 
من جانبه، قال مصطفى عبدالمقصود، أحد أبناء العائلات ممن يمتلكون المقابر التي جرى هدمها، إن رئيس المدينة هدم «الترب» الخاصة بهم دون الرجوع ليهم أو حتى إنذار أصحابها، موضحًا أن المقابر التي تمت إزالتها تحتوي على رفات مر عليها نحو خمس سنوات وأكثر.
 
عبدالمقصود، أفاد بأن قرار رئيس المدينة كان قرارًا فرديًا دون أي سند من أية جهة حكومية، _على حد قوله_، قبل أن يستغيث بإيصال شكواه إلى الدكتور ممدوح غراب، محافظ الشرقية: «يا ريت صوتنا يوصل له ويشوف إذا كان اللي حصل دا ينفع السكوت عليه ولا الموتى لسه ليهم حُرمة ومن حقهم ترب يتدفنوا فيها».
 
«هد الترب فوق جثث أهالينا».. قالها محمد حمادة، أحد الأهالي المتضررين، مؤكدًا على أن رئيس المدينة جار على حقوق الموتى وحُرمتهم، بعدما أزال مقابر تم بنائها قبل أكثر من خمس سنوات، دون أدنى اعتبار للرفات والأكفان الموجودة داخل المقابر.
 
 
«إنجدونا من رئيس المدينة».. كانت هذه الكلمات لسان حال عدد من أهالي المدينة وأصحاب العيون التي تمت إزالتها، والذين ترجموا شكواهم في طلب موجه إلى الدكتور ممدوح غراب، محافظ الشرقية، وقام بتذكيته اللواء عصام أبو المجد، عضو مجلس النواب عن المدينة، بعدما توجهوا إليه داخل مكتبه للتضرر وشكوى رئيس المدينة بصورة رسمية طلبوا فيها بتدخل أكبر مسئول في المحافظة، وذلك من خلال وثيقة.
 
اللواء عصام أبو المجد، عضو مجلس النواب عن مركز ومدينة ههيا، تحدث حول لقاؤه بالأهالي المتضررين، موضحًا أنه لن يكتفي بتذكية الطلب فقط، بل سيتوجه برفقة عدد منهم إلى الديوان العام لمحافظة الشقية، صباح بعد غدٍ الأحد؛ للقاء المحافظ الدكتو ممدوح غراب، وعرض الأمر عليه، رافضًا التعليق عن الواقعة من قريب أو بعيد، انتظرًا لما سيسفر عنه الاجتماع مع المحافظ.
 
في سياق متصل، قال عادل شرشر، رئيس مركز ومدينة ههيا، إن ما حدث لا يعدو كونه مخالفة وتعدي واضح وصارخ على الأرض الزراعية يستوجب الإزالة الفورية، لافتًا إلى أن المقابر كانت «تحت الإنشاء»، ولم تكُن بها موتى كما يزعم الأهالي، قبل أن يُضيف: «والله ما كان فيها موتى ولا حتى أبواب.. إحنا مسئولين وعارفين كويس يعني إيه حُرمة موتى».
 
 
وأضاف شرشر، أن المخالفة جرى تحرير محضر بشأنها من قِبل الإدارة الزراعية، وبالعرض عليه اصطحب قوة لتنفيذ قرار الإزالة بصورة فورية، وذلك تنفيذًا للقرارات التي تحظر التعدي على الأراضي الزراعية تحت أي ظرفٍ كان، منوهًا بأن الإزالة تمت في «المهد»، حيث كانت التعديات عبارة عن مقابر تحت الإنشاء ولم يكتمل بنائها بعد، _على حد وصفه.
 
 
وأوضح شرشر، أن القانون واضح وصريح في حال رغبة البعض إنشاء مقابر، حيث يجب الحصول على التراخيص والموافقات اللازمة قبل البدء في إنشائها، إلا أن ما حدث من جانب الأهالي كان تصرف دون رقيب أو تصريح قانوني.
 
وشدد رئيس مركز ومدينة ههيا، على أن إقامة مقابر جديدة وسط تعديات على الأراضي الزراعية تدخل تحت شُبهة التجارة ليس إلا، حيث أن أغلب العائلات تكون لديها مقابرها الخاصة بعيون للرجال والنساء، وقليل من يسعى لإقامة أو إنشاء مقبرة جديدة، وأن ذلك لا بُد وأن يتم وفقًا للقانون المُنظم لذلك، فيما كانت الإزالة لنحو ست عيون لا غير.
 
وعن ظهور أكفان في الصور المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أشار رئيس مركز ومدينة ههيا، إلى أن كل من يتداول ذلك أو يتحدث عن إزالة المقابر وهدمها وبداخلها جثث أو رفات وأكفان، هم «ناس مُغرضة»، _على حد قوله_، قبل أن يوضح: «كل الكلام دا ليس له أساس من الصحة، واستحالة أدخل مقابر وفيها جثث وبابها مقفول حتى لو الباب كان بالطوب، ولو المقابر قديمة كانت ظهرت عليها عوامل التعرية».
 
 
المثير في الأمر أن بعض الصور أظهرت أن المقابر التي تمت إزالتها كانت تحتوي بداخلها أكفان ورمال من تلك التي تُستخدم في أعمال الدفن، فضلًا عن وجود أبواب من «الطوب» أظهرتها الصور لمقابر ملاصقة لما يكُن تم هدمها بعد، إلا أن شكوى الأهالي، الرسمية، ربما تُفصح في الساعات القليلة المُقبلة عن إجراء وتحرك بفتح تحقيق عاجل في الواقعة من جانب الدكتور ممدوح غراب، محافظ الشرقية.
 

صور اخرى