أخبار عاجلة

تربية وتصدير الثعابين والضفادع.. بيزنس أتلفه الكساد (ملف)

الأحد 10 مارس 2019 01:56:00 صباحاً

ياسمين سامي

عائلة طلبة التى تعيش فى أبو رواش بمحافظة الجيزة وتبعد عن القاهرة بـ 15 كيلو متراً ذاع صيتها فى صيد الثعابين والعقارب والزواحف والضفادع والحيوانات البرية، فهى أسرة احترفت هذا الصيد منذ اكثر من 200 عام حيث كان الجد الأكبر (طلبة) يحترف مهنة صيد هذه الزواحف والحيوانات ويقوم بتسويقها فى الاسواق المحلية، بل وتوريد الثعابين والعقارب السامة إلى الشركة القابضة للمصل واللقاح والمراكز البحثية فى الجامعات والمعاهدالعلمية، واستمرت هذه المسيرة من الأجداد حتى الأحفاد الذين تمكنوا من فتح أسواق خارجية لتوريد الضفادع والثعابين والعقارب بجميع أنواعها منذ اكثر من 40 عاماًسواء للزينة او لأغراض البحث العلمى او للطهو كوجبات غذائية فى المطاعم كما هو الحال مع الضفادع (الرنا) الخضراء بما يجلب عملات اجنبية للبلاد.
 
هذه التجارة كسائر الأنشطة الأخرى تتعرض الآن لظروف كساد بين الحين والآخر منذ اكثر من 4 أعوام، بل وهناك تحديات داخلية تتمثل فى ارتفاع تكلفة ونفقات عملية الصيد بما لاتتماشى مع العائد من ورائها علاوة على قيام مكتب الحياة البرية بوزارة الزراعة تحديد (كوتة) من جميع الأنواع من الثعابين خاصة السامة التى يتم تصديرها للخارج، وفوق كل ذلك المنافسة الشرسة التى يواجهها أفراد عائلة طلبة من المصدرين الأفارقة والأتراك الذين يوردون هذه البضائع بأسعار تقل عن سعر المنتج المصرى اربعة أضعاف ويكفى، للتدليل على ذلك ان سعرالكوبرا المصرية منذ 10 سنوات وصل إلى 100 دولار للثعبان يباع الآن بأسعار تتراوح بين 40 و 50 دولارا بينما الأفارقة يبيعونه بـ 15 دولارا كحد أقصى، ولاتقتصر المنافسة من الأفارقة فقط بل دخل الحلبة الأتراك الذين تخصصوا فى انشاء مزارع الضفادع الرنا ويبيعونها بـ 10 يورو للكيلو الذى كان المصدر المصرى يورده بـ 50 دولاراً منذ 3 أعوام.
 
يقول جمال سعيد طلبة الحفيد السادس للحاج طلبة، إن رحلات الصيد تكون جماعية يشترك فيها والده وأشقاؤه وأولاد عمومته حيث تتميز كل منطقة فى مصر بموسم محدد للاصطياد فمثلاً الثعابين موسم صيدها يكون فى شهور الصيف بدءاً من شهر يونيه حيث تخرج يومياًمن جحورها إلى الصحراء لالتهام فريستها التى تكون غالباً من الفئران او الأبراص او السحإلى حيث نتعقب مسار هذا الثعبان على الرمال حتى خروجه واصطياده بعصا تنتهى عند احد اطرافها بحرف v ويوضع هذا الثعبان داخل جراب مصنوع من القماش الذى يسمح بالتهوية ويكون مبللاً بالمياه ويؤخذ هذا الثعبان فور الوصول إلى المزرعة ليتم وضعه فى احواض وتغذيته بالفئران التى يجرى تربيتها فى مزرعة خاصة تلتهمها الثعابين مع ملاحظة ان هذا النوع من الفئران لايزيد وزنة على 25 جراما، وهناك الفأر النرويجى الذى يعيش فى المنازل والفأر الغيطى، فالكوبرا تلتهم كل انواع الفئران التى تتغذى على الخبز الناشف وبعض الخضراوات مثل الخس ويتميز ثعبان الكوبرا بحاسة شم قوية لاصطياد الفريسة بعد ان يصطنع من الحيل والدهاء لاصطيادها.
 
26 نوعا من الثعابين
 
يواصل جمال طلبة حديثه عن تربية الفئران قائلاً ان هذه الفئران فترة حياتها عامان وتتكاثرالأنثى كل 40 يوماً حيث تضع 8 من صغار الفئران يتم تغذية الثعابين بها موضحاً انه يوجد عدد 26 نوعا من الثعابين، السام منها 6 أنواع فقط ويجرى تصدير هذه الأنواع خلال الفترة من اول إبريل حتى 30 سبتمبر من كل عام حيث يتم اصطيادها من مغارات سيناء ومطروح والواحات والفيوم حيث تعمل هذه الثعابين فترة بيات شتى اعتباراً من ديسمبر حتى منتصف مارس لكنها تخرج كل 15 يوماً لاصطياد الفريسة، أما فى الصيف فإنها تخرج كل يوم لتهاجم جحور الابراص والفئران وتلتهمها ويمكن الوصول إلى جحور هذه الثعابين من خلال خط سيرها الذى تتركه على الرمال حيث تتجمع الأنواع المختلفة من الكوبرا وأكثرها شيوعاً الكوبرا البخاخ التى تبخ سمومها على مسافة 3 أمتار وهذا النوع يتم توريده إلى المصل واللقاح لامتصاص سمومه التى تستخدم فى صناعة الأدوية وكذا العقارب السامة حيث يتم توريد ما يقرب من 50 ثعبانا من الكوبرا والطريشة و10 آلاف عقرب سام خلال موسم الصيف من المزرعة الخاصة به فقط علاوة على الأنواع المختلفة من الحيات مثل الحية المقارنة والكاذبة والغريبة الحمراء والسوداء والكاذبة ويصل عددها إلى اكثر من 100 حية مختلفة الأنواع وهذه الزواحف السامة يعيش معظمها فى سيناء وأسوان وحلايب وشلاتين والشريط الصحراوى الملاصق لساحل البحر الأحمر واسعار هذه الزواحف التى يتم توريدها للمصل واللقاح تبدأ بـ 10 جنيهات للعقرب وتنتهى عند 300 جنيه للأنواع الاكثر سمية من الثعابين الكوبرا والحيات.
 
ألمانيا واليابان وبلجيكا تستقبل منتجات أبو رواش
 
اما التصدير والكلام يتواصل على لسان جمال طلبة فإن الدول التى تستقبل منتجاتهم هى ألمانيا واليابان وبلجيكا حيث تستقبل هذه الدول الأنواع السامة من الكوبرا والعقارب لكن وفق كوتة يحددها مكتب الحياة البرية التابع لوزارة الزراعة بنحو 10 قطع من كل من الأنواع السامة من الكوبرا او العقارب والحيات، اما الأنواع غير السامة فيتم تصديرها بكميات كبيرة غير محددة اضافة إلى تصدير السحإلى التى يتصور البعض انها تحمل فى أحشائها مفتاح الجنة لذا يقومون بتربيتها فى المنازل للزينة والتبرك بها وكذا الابراص بل يتم توريد وبيع الفئران إلى مراكز البحوث داخل مصر بأسعار تتراوح بين 10 إلى 35 جنيها للفأر الواحد حسب حجمه مثل (الرات) الذى يصل حجمه إلى 180 جراما، اما الابراص يتم اصطيادها بالمصيدة من خلال تسليط ضوء الكشاف عليها.
 
 
مزارع منافسة فى السودان
 
يقول انه يمتلك مزارع لتربية السلاحف ابزها (السلقافا) والثعابين فى السودان فى مقدمتها الكوبرا التى تنتشر هناك ابرزها الكوبرا (الهارسين) التى تبيض 12 بيضة فى العام مرة واحدة لتخرج صغارها فى مايو من كل عام وهى تضع البيض فى مكان رطب وجاف وتقوم بعمل حفره وتغطيتها بالقش وعندما تكبر الصغار يتم تغذيتها على الفئران ثم توريدها للمصل واللقاح او تصديرها للخارج.
 
ويوضح ان تجارته من الزواحف لاتتوقف عند التوريد للمؤسسات المحلية والتصدير للخارج لكنه يستورد ثعابين ال (فيتون) من الهند حيث تستخدم فى السيرك وأحجامها تصل إلى 9 أمتار لكنها غير سامة.
 
وعن نشاطه التصديرى يقول جمال: ان التجار الأفارقة ينافسو المصدرين المصريين فبعد ان كانت الكوبرا تباع بـ 100 دولار للثعبان منذ عشرة اعوام يتم تصديرها بأسعار تتراوح بين 40 إلى 50 دولاراً بالكاد حيث يسعى هـؤلاء إلى إخراجهم من الاسواق حيث يصدرونها الأفارقة بـ 15 دولاراً بحد أقصى بسبب غزو هذه الثعابين للمناطق السكنية فى عدد من الدول الافريقية خاصة تحت ضغط الحرارة الشديدة حيث كانوا يتخلصون منها من قبل بالقتل اما الان فإنهم يصطادونها ويصدرونها لانها تجلب لهم العملات الصعبة لذا فإنه يطالب المسئولين عن مكتب الحياة البرية بزيادة الحصص التى يصدرونها للخارج حتى لايتركوا هذه السوق حكراً على الأفارقة الذين يرغبون فى طردهم وإخراجهم فيها بل انهم يطرحون الضفدعة (الرنا) التى يطلق عليها بالضفدعة الرومى بأوزان تصل إلى 3 كيلو جرامات وتباع بـ 15 يورو إلى الفرنسيين ولجأ التجار الأتراك إلى عمل مزارع للضفادع الرنا ويوردونها إلى فرنسا بسعر 15 إلى 20 يورو للكيلو مما جعل المنتجين المصريين يصرفون أنظارهم عن تربيتها وتصديرها للعام الثانى على التوإلى.
 
 
ويطالب بتشجيع استيراد الثعابين والزواحف السامة والمخصصة لأبحاث البحث العلمى من السودان حيث تكثر هذه الأنواع هناك ويمكن جلبها بسهولة وبتكلفة ميسرة لتربيتها.
 
لجان علمية لتحديد الأنواع المهددة بالانقراض
 
حول شكوى الحفيد جمال طلبة بشأن تحديد الكوتة للكميات المصدرة يقول اللواء دكتور محمد رجائى رئيس الادارة المركزية لحدائق الحيوان والحفاظ على الحياة البرية: ان هناك لجنة علمية تجتمع بشكل دورى لتحديد الأنواع المهددة بالانقراض من هذه الزواحف والثعابين فى البيئة وتصدر توصياتها وقراراتها بمنع التصدير او تحديد كميات بعينها حفاظاً على هذه الأنواع من الانقراض وهذا الإجراء يطبق وفقاً للمعاهدات والاتفاقات الدولية التى وقعت عليها مصر حيث تحدد الهيئة العامة للخدمات البيطرية اسماء هذه الزواحف والحيوانات باللغة العربية واللاتينية فى مكتب الحياة البرية فى مطار القاهرة ويتم تصنيفها وتحديد الكميات التى يسمح بتصديرها بما لايخل بالتوازن البيولوجى وأعداد هذه الأصناف فى البيئة الطبيعيةفالمعروف ان الكوبرا والثعابين يلتهم بيضها النمس المصرى والثعالب كما تلتهم الصغار بعد فقس بيضها والثعابين تلتهم القوارض والأبراص والسحإلى والضفادع تلتهم الذباب والناموس والهاموش.
 
 
احتياجات المصل واللقاح من السموم
 
يضيف الدكتور ايهاب محمود هلال المشرف على مكتب الحياة البرية والأستاذ بمعهد بحوث صحة الحيوان ان احصائية عام 2018 تكشف ان عدد ثعابين الكوبرا التى تم تصديرها إلى الخارج بلغ 9 ثعابين فقط رغم ان المكتب خصص حصة قدرها 20 ثعبانا للتصدير سنوياً لكل شركة من الشركات الـ 20 المسجلة فى التصدير، اما عدد الحيات المقرنة التى تم تصديرها والمعروف بشدة سميتها بلغ 180 حية والحية القرعاء 75 والكاذبة 75 والغريبة السوداء 50 والسامة الحمراء 45 إضافة إلى 8 أنواع من العقارب يصل عددها إلى 12 ألف عقرب وهذه الأنواع من الزواحف السامة مشيراً إلى انه يؤخذ فى الاعتبار احتياجات المصل واللقاح من هذه الأنواع السامة لاستخدام سمومها فى الأغراض الدوائية والطبية.. اما الأنواع غير السامة فقد تم تصدير عدد 130 ثعبانا ابو السيور و130 من النوع الجبلى و140 من ثعبان المياه اضافة إلى 1200 ثعبان غير سام لأغراض الزينة والتجارب والطهى.. اما كوتة الضفادع الرنا التى دخلت إلى مصر إبان غزو الحملة الفرنسية عام 1798 التى جلبها الجنود الفرنسيون معهم إلى مصر فإن مكتب الحياة البرية قد حدد كوتة 30 طناً توزع على 17 شركة تقوم بتصدير هذا النوع من الضفادع هذه الكمية المصدرة وصلت إلى 16 طنا عام 2016 ثم تدهورت نتيجة إهمال المصدرين المصريين لها بعمل مزارع لتربيتها واعتمدوا على شرائها فرادى بأسعار مرتفعة فدخلت تركيا هذه السوق وكسبته لتصدر منتجات الضفادع إلى فرنسا لتبيع الطبق بـ 100 يورو وضاعت هذه الفرصة على المصدرين المصريين رغم ان هذه الضفادع من الحيوانات البرمائية التى تضع كميات كبيرة من البيض فى المرة الواحدة.