أخبار عاجلة

"الشرقية الآن" تحاور أسرة شهيد معركة الدبابات فى حرب أكتوبر

الأربعاء 07 أكتوبر 2015 01:48:00 مساءً

فتحية الديب

"أنا مسافر ياماما على سيناء، لأن جاء لينا تعليمات أننا هنحارب ونسترد كرامتنا، مش عايزة حاجة قبل ما أسافر، أوعي ياماما تزعلي لو جاء ليكي خبر أني إستشهدت في الحرب أنا مش أحسن من ال ماتوا ،وأنا هاموت شهيد  في الحرب ، فداء لتراب بلدي ،وأمانة عليكي ياماما دايما تعطي نصيبي من طعام اللحوم  لعمتي شريفة، كل وجبة تعملي فيها لحوم، وأنت ياعثمان يأخويا لو أنا موت في الحرب أدخل كلية الشرطة أو الحربية " .

 

بدموع ونظرات وداع حزينة تنزف العيون لها دموع غزيرة من شدة  الفراق ،بين الأم وإبنها ضابط الكلية الحربية وأشقاءه في وداعه الأخير لهم في أخر زيارة لهم في شهر سبتمبر سنة 1973، قبل أيام من إستشهاده في معركة الدبابات في سيناء ، وكأن قلبه الذي يملئه الإيمان  بالله والنصر والشهادة في سبيل الوطن، أيقن بأنه لن يعود مرة أخري  إلي حضن أمه الغالية وأشقاءه ، فودعهم وداع حار ،وودع أهالي قريته وقام بزيارة مقابر القرية وقراءة الفاتحة لجميع الأموات، وحمل حقيبته التي بيها أشياءه وتوجه إلي خدمته بالجيش المصري الذي كان يخوض معركة من أشد معاركه ضد العدو الإسرائيلي .

 

إنه الشهيد البطل "النقيب  محمد السيد عبد العزيز السعداوي " 23 سنة وإبن قرية المالكي التابعة لمركز أبو كبير بمحافظة الشرقية، الذي إستشهد في معركة الدبابات في سيناء بعد ضرب أروع الأمثلة للضابط المصرى، وتصدر صفوف القوات المصرية للإستطلاع خلف العدو الإسرائيلي ، ودمر العديد من دبابات العدو إخترقت صدره نيران العدو  ونال الشهادة في الحال علي تراب أرض سيناء .

 

"الشرقية الآن"  تقابل مع أسرة الشهيد بمسقط رأسه بقرية المالكي بأبوكبير، حيث كان الشهيد الإبن الأكبر لأسرته ووالده ولديه من الأشقاء ستة هم " شوقية " ربة منزل و" محمود " رئيس قسم كلية الطب بجامعة الزقازيق و" عثمان " لواء شرطة حالي و" نهلة " ربة منزل و"هالة " مدير مدرسة و"هناء " مديرية مدرسة و" أحمد " رئيس قسم بشركة بترول.

 

لم تستطيع والدة الشهيد الذي أصابها المرض منذ وفاة نجلها، الحديث معانا لرغبتها في عدم إستعادة ذكريات أليمة علي قلبها وفراق إبنها الأكبر أول فرحتها في الدنيا، تقابلنا مع " شوقية السيد عبد العزيز" شقيقة الشهيد  والتي كانت مرتبطة بيه وكأنه أبيها قبل أن يكون أخيها ، تقول "شوقية " شقيقي  الشهيد "محمد " كان فرحة العائلة وحصل علي الكلية الحربية من دولة السودان عندما فتح لها فرع في السودان ، ومع كل زيارة له للقرية لزيارتنا، كان يتوجه إلي المقابر بالقرية لقراءة الفاتحة لجميع الأموات بالمقابر، قبل أن يصل للمنزل، وكانت دائما أمي تطلب منه، أن يحضر للمنزل الأول ثم يترك حقيبته ويزور المقابر لكنه  كان دائما يحرص علي زيارة مقابر القرية مع كل زيارة له وقبل مغادرته القرية وتوجهه إلي وحدته بالجيش المصري ، كما أنه لم يغير لهجته الريفية طول فترة الكلية الحربية، وكنا دائما نطلب منه، أن يغير لهجته ،فكان حريص علي التمسك بيها ـ، وكان محبوب من جميع أهالي القرية ، لدرجة أنه كان لدينا جارة بالقرية كان يأخد نصيبه في الطعام عند كل زيارة له ويعطيه لها ووصي والدتي عليها قبل رحيله من القرية في أخر زيارة له.

 

 وتخرج  من الكلية وكان يوم فرح لنا ، وكانت خدمته في الجيش الثاني، وقبل إجازته الأخيرة حضر حفل زفافي حيث كنت أنا البنت الكبري وأول من تزوجت بالأسرة وجاء لي ثاني  يوم زفافي وكان موافق يوم 9-9 سنة 1973  ،بارك ليه بالزفازف وكانت هذة أخر مرة أراه فيها في حياتي حتي جثمانه تم دفته بمقابر شهداء الحرب في الإسماعيلية .

 

ويقول  زوجها " عبد القادر المالكي " وإبن خالد الشهيد "محمد السعداوي " أن الشهيد أرسل إليه  خطاب مع عسكري  من مركز فاقوس ، مازالت محتفظ بيه حتي الأن حيث أرسل في الخطاب سلامه لواده وأمه وأشقاءه ،ويطلب من أسرته بسداد مبلغ مائة جنيه كان قد إستلفها من أحد زملائه ،وأنفقها في فرح شقيقته وتجهيزها وأخبر أسرته أنه بعض الأشخاص بالقرية قد أستلفوا منه مبالغ بسيطة أوصي بسماح من لم يدفعها لهم في حالة إستشهاده ، لكنه أكد علي سداد المبلغ الذي عليه في حاله عدم رجوعه من الحرب ،

ويضيف  "عبد القادر " أن الحرب قامت يوم السادس من أكتوبر عام 1973 .

 

وبعد الحرب بأيام إنقطعت أخباره نهائيا،وعاد عدد من الجنود الذين كانوا يشاركون في الحرب من القرية والقري المجاورة ،وهو لم يعد ولم يعلم عنه أحد شئ ،حتي علمت من موظف بالخدمات الطبية يدعي "رأفت "وجارنا بالقرية أن "محمد" استشهد يوم 14 أكتوبر في معركة الدبابات حيث كان في صفوف القوات  لإستطلاع خطوط العدو الإسرئيلي وإستشهد بعد بسالته وشجاعته في تدمير عدد من دبابات العدو،وإنهمر في الدموع وقال أخفيت الخبر عن زوجتي ، وأسرتها بالكامل ،فيما تنهمر زوجته شقيقه الشهيد في البكاء وكأن لحظة علمها خبر وفاة شقيقها ،بالأمس ،حيث أغرقت الدموع ملابسها وأحمرت عينها ووجها من البكاء ،وتقول قبل عيد الأضحي بأسبوع كنا نجلس مع والدي أنا وجميع أشقائي  بالمنزل، فؤجئنا بسيارة شرطة تقف أمام المنزل، وينزل منها ضابط يطلب من و الوالد أن يذهب معه إلي نقطة الشرطة، لأنه مطلوب في المركز بحجة أنه يحمل سلاح غير مرخص، فرض والدي الذهاب معاهم وقال لهم أني سلاحى مرخص وأنا مهموم ولن أستطيع الخروج من المنزل، وبعد دقائق أدركنا أن الضابط جاء ليأخد والدى إلى قوات الجيش الثاني الميداني كانت تقف بنقطة الشرطة لتخبر والدي بخبر وفاة شقيقى، حيث سرعان ما حضرت قوات من الجيش الثانى الميدان.

 

وتنهي شقيقة الشهيد كلامها بأنها مازالت تتذكر لحظة، تلقي والدها خبر وفاة شقيقها في الحرب، بقناعة من الله عندما قال له قائد الجيش الله أرسل إليك أمانة لو أخذها هتزعل، فرد والدي وقال له مش تكمل كلامك ياباشا إبني مات فقال له اللواء إبنك بطل وإندفن في مقابر شهداء الجيش بسيناء، وهنا صاحت جميع نساء المنزل في الصراخ ومازالت أتذكر أمي  كان وجهها ينزف من الدماء من شدة تلقيها الخبر، وقام والدي بذبح عجل لشقيقى وأقمنا له عزاء لمدة 3 أيام وقامت الدولة ببناء مدرسة تحمل إسمه بالقرية هي الذكرى الوحيدة له وهى مدرسة الشهيد السعداوى الإبتدائية .